مهمة رئيس الجمهورية في الأنظمة البرلمانية هي حماية الدستور فقط. يحصل هذا في الهند، وإسرائيل، وباكستان، والعراق وأثيوبيا على سبيل المثال لا الحصر. الأمر يختلف لدى الأنظمة الأخرى الرئاسية مثل الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية مصر العربية والجمهورية السورية وعدد آخر من الدول التي تعتمد هذا النوع من الأنظمة. وهناك نوع آخر من الأنظمة تسمى شبه الرئاسية مثل فرنسا وتركيا.
بينما هناك أنظمة غريبة عجيبة مثل كوريا الشمالية، وأنظمة أخرى أحادية لا رئاسية على وجه ولا برلمانية على وجه مثل الصين وروسيا.
أما الأنظمة الملكيّة فإنّ الملك في الغالب مصون غير مسؤول مثل ملكة بريطانيا أو يملك ولا يحكم مثل الأردن والمغرب، وهنا أنظمة ملكية وأميرية ذات بعد أسري مثل معظم أنظمة دول الخليج العربي.
إيران وحدها تعتمد نظام ولاية الفقيه حيث بيد المرشد الأعلى كل السلطات وربما سلطاته تتعدى الدستور بينما رئيس الجمهورية يتولى السلطة التنفيذية بمايجعله أقرب مايكون الى منصب رئيس الوزراء.
أتيت بكلّ هذه الأمثلة وهناك عشرات أخرى سواها من الأنظمة المماثلة أو شبه المماثلة لأصل الى نتيجة وهي أين الدستور من كل هذه الأنظمة؟
البعض من هذه الأمثلة الدستور فيها "يقرأ ويكتب" مثل الدستور الأميركي الذي جرى تعديله عشرات المرات منذ إقراره قبل أكثر من 250 عاما. بينما هناك أنظمة أخرى تعتمد العرف وليس الدستور المكتوب مثل النظام الملكي البريطاني، بينما لا أظن أن زعيما موهوبا مثل كيم جونغ أون يحتاج الى "إحم أو دستور" حين يتلهى بإصدار أحكام الإعدام كلما شعر
بـ "الضوجة".
بين هذه الأنظمة الموغلة في الديمقراطية واحترام التقاليد بمن فيها الدستور وأنظمة المرور و"السرة" لشراء البيض والألبان، والأنظمة التي فيها الدستور مجرد "ورقة نكتبها ونمزقها" حسب الطلب يقف دستورنا الذي يحتاج دائما الى حماية وصيانة وتفسير دائم لمعظم مواده في المنتصف. فنظامنا ليس من الأنظمة التي فيها احترام للتقاليد قبل الدساتير ولا هي من الأنظمة التي لاتريد أن تقيم وزنا للدستور.
لكن حين نستعرض إشكاليات الدستور عندنا بدءا من المادة التي تتكلم عن "الكتلة الأكبر" أو "الكتلة النيابية الأكثر عددا" وهي المادة 76 الى المادة التي تتحدث عن "خلو المنصب لأي سبب كان" وهي المادة81 الخاصة برئيس الوزراء أو حكومة تصريف الأعمال (المادة 61) وانتهاء بالمادة التي تتحدث عن مهام رئيس الجمهورية والتي تتمثل في حماية الدستور وهي المادة 67 فإنّنا يمكن أن
نتساءل .. هل دستورنا يحتاج الى حماية أم نحن من نحتاج من يحمينا من هذا الدستور الذي جعلنا "نضيع المشيتين" بين أن نكون بلدا بتقاليد محترمة أو بلدا بلا تقاليد أصلا. فإذا نظرنا الى أمر هذا الدستور من زاوية الأزمة الراهنة فإنّ المشكلة لاتبدو فينا سواء كنا أحزابا أو قوى سياسية أو مجرد مواطنين يريدون المشي "جنب الحيط" حتى "تفرج".
المشكلة أولا وأخيرا تتلخص في الدستور الذي نحمل دائما رئيس الجمهورية مهمة حمايته بل نحن وفي مقدمتنا السيد الرئيس نحتاج الى من يحمينا من الدستور.