صنم السلطة

آراء 2019/12/28
...

حسين الصدر
 
قال الشاعر: من عادة الناس للأصنام تعبده من خسة الناس لا من رفعة الصنم, هناك أصنامٌ كثيرة تُعبد من دون الله وفي طليعتها السلطة...ومن أجلها يغامر المغامرون بأنفسهم ليصلوا إليها...وتحاك الدسائس والمؤامرات فقد يتآمر الابن على أبيه...ومن أجلها أيضاً ترتكب الجرائم والعظائم دون هوادة!!ومن أجل السلطة ايضاً قد يقتل الأخ أخاه وليست قضية المأمون مع أخيه الأمين ببعيدة عن الأذهان..!!
وقد شاع وذاع قولهم: (المُلك عقيم)وينقل التاريخ كلمة هارون الرشيد لابنه: "لو نازعتني فيه لأخذتُ الذي فيه عيناك"ومعناه: إني أقطع رأسك إذا ما حاولتَ أنْ تنازعني في سلطاني...والتاريخ حافلٌ بالشواهد والأرقام التي تؤكد أنَّ المُلكَ أعزّ على أهله من الأبناء والأخوة فضلاً عن الآخرين.والسلطة عند الرساليين ليست غاية في حد ذاتها وإنما هي وسيلة لإحقاق الحق ونصرة القيم، فقد روى ابن عباس أنه (دخل على الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب بذي قار وهو يخصف نعله، فقال له: ما قيمة هذه النعل؟  فأجاب ابن عباس: لا قيمة لها فقال (عليه السلام) والله هي أحبّ اليّ من إمرتكم إلا أنْ أقيم حداً من حدود الله أو أدفع باطلاً ربيع الأبرار /ج4/ص239 . 
وجاء في التاريخ: إنَّ محمد بن سليمان بعث رجلاً يتجسس على (الحسين بن علي) – صاحب فخ – فمضى إليه وعاد ليقول لمحمد بن سليمان – قائد الحملة العباسيَّة الظالمة على الحسين بن علي صاحب فخ: ما رأيتُ إلاّ مصلياً، أو مبتهلاً، أو ناظراً في مصحف، أو مُعداً للسلاح. وقال لمُرسِلِهِ ايضاً: (ما أظن القوم الاّ منصورين) فصفق محمد بن سليمان بيده، وبكى حتى ظن الرجل أنه سينصرف عن قتالهم... ثم أنَّ محمد بن سليمان قال – وهو محل الشاهد: "هم واللهِ أكرمُ خَلْقِ الله، وأحقُّ بما في أيدينا منّا، ولكنَّ الملك عقيم، ولو أنَّ صاحب القبر – ويعني به الرسول الأعظم (ص) - نازعنا الملك لضربنا خيشومه بالسيف. ولقد كشف محمد بن سليمان عن عمق الحب الأعمى للسلطة عند السلطويين بحيث إنهم لا يتورعون عن مقاتلة النبي (ص) من أجله فما بالك بغيره؟ وفي غمرة الشبق السلطوي والغرور الكبير ينسى السلطويون ما ينتظرهم من حساب، حتى إذا ما دنا منهم الموت تقطعت أنفسهم ندماً وحسرات حيث لا ينفع الندم. 
وقد جاء في التاريخ: أنَّ محمد بن سليمان هذا حين احتضر كانوا يلقنونه الشهادة وهو يقول: ألا ليتَ أمي لَمْ تَلِدْني ولم أكن شهدتُ حسيناً يوم فخٍّ ولا حَسنْ والسؤال الآن موجه الى رئيس مجلس الوزراء المستقيل السيد عادل عبد  المهدي: هل كان يحسن بك أنْ تنهي حياتك السياسيَّة وأنت على أعتاب الثمانين بتحمل مسؤولية الدماء الزكيَّة التي أريقت من دون وجه حق وتجاوزت أرقامها المئات؟ والى جانبها عشرات الآلاف من الإصابات الخطيرة التي سبّبت الإعاقة للكثير من أبناء الوطن الشرفاء، الذين عزّ عليهم أنَّ الفاسدين يعيثون في البلاد والعباد من دون احتجاج عليهم ومن دون مطالبة مشروعة بالإصلاح والتغيير لمظاهر ذلك الفساد؟! وقديماً أوصى أحد الخبراء ابنه فقال: "يا بُنيّ إنّ الولايات مِحَنُ الرجال، (والمقصود بالولايات هنا المواقع تُبدى محاسنهم ومساويهم، فإنْ وليتَ فاستطعتَ أنْ تكون ذِكْراً حسنا فافعل". 
أقول: هل ترك مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين العراقيين في غمرة الاحتجاجات التشرينيَّة موضعاً للذِكر الحسن لمن كان يسمّى (بالقائد العام للقوات المسلحة والمسؤول
التنفيذي الأول)؟.