السكن اللائق

اقتصادية 2019/12/28
...

ياسر المتولي
 
كثيرة هي المحاولات لمعالجة أزمة السكن المستعصية منذ 16 عاماً على التغيير، والسبب قطعاً هو غياب السياسة الإسكانيَّة، وعدم الانتباه الى الإحصائية الأولى والتي ظهرت بين عامي ٢٠٠٤ - ٢٠٠٥ حين قدرت الحاجة الفعليَّة بثلاثة ملايين ونصف المليون وحدة سكنيَّة.
وهنا توزعت المحاولات لحل المشكلة بين التفكير ببناء عمودي ومجمعات سكنية وبين توزيع أراضٍ سكنيَّة بين المواطنين، وكلتا الطريقتين لم تطبق بشكل صحيح، ما فاقم الأزمة وباتت الحاجة الى السكن تتفاقم وتزداد طردياً مع زيادة عدد نفوس العراق ومرافقة ذلك الانشطار الأسري وتفكير الأبناء بالاستقلال السكني وهو حق مشروع وواقعي.
ما الذي حدث في ما بعد؟
إنَّ عدم تنفيذ ما مخطط من وحدات سكنية قاد الى انتهاج سياسة التجزئة للمساحات الكبيرة سواءً بكونها باتت تجارة مربحة من جهة، جراء الحاجة للسكن، أو بسبب الحاجة التي فرضتها الظروف على بعض المالكين من المواطنين لمواكبة ظروف الحياة المعاشيَّة، فاضطروا الى تقطيع المساحات وبيعها بشكل غير منظم وخارج القانون.
وبعد أنْ استنفدت المساحات الكبيرة الى مساحة ٥٠ متراً وأكثر وما رافق هذه التجزئة من مشكلات معقدة من بينها الضغط الكبير على البنى التحتيَّة للخدمات وضعفها وتهالكها، فضلاً عن تشويه المدن في ظل فقدان التخطيط العمراني وتدمير التصاميم الأساسيَّة للمدن، ثم بعد ذلك اتجه المواطنون الى العشوائيات لذات السبب الحاجة للسكن طبعاً، ما زاد الطين بلة في التأثير في الخدمات وضيق المدن بانفجارين سكاني وعمراني غير منتظمين.
واليوم ضغط الحراك الشعبي على الحكومة فقاد هذا الضغط الى قرارات لتمليك المتجاوزين والقرار مطلق غير واضح وهذا ما سيعقد المشهد مستقبلاً ويشوه التصميم الأساسي للمدن.
المطلوب تأمينُ سكنٍ لائقٍ للمواطنين، منظم وكامل الخدمات وبما يليق بهم وبتضحياتهم، وذلك يتطلب التأني بمثل هكذا قرارات غير مدروسة والإسراع بتنفيذ الوحدات السكنيَّة ذات الخدمات المتطورة، بدلاً من فوضى العشوائيات وتعويضهم عنها.
واثقون أنَّ المواطن يعي أهمية الحصول على سكن لائق، ويمكن أنْ ينتظر لمدة سنة أخرى خصوصاً أنه انتظر الكثير.
نتمنى الشروع ببناء مشاريع سكنية بدلاً من تمليك العشوائيات التي لا ترقى الى راحة المواطن وقيمته في بلد ثري مثل العراق ومواطننا صبورٌ وينتظر.