الحلول في خيمة الدولة

آراء 2019/12/30
...

د. سعد العبيدي
 الشعوب لما يتعلق بقضاياها التقليدية والمصيرية تختلف، والحكومات في أساليب إدارتها لشؤون الدولة والمجتمع تختلف أيضاً، والأحزاب السياسية في برامجها وافكارها ورؤاها في التعامل مع الأهداف كذلك تختلف، حقيقة اختلاف تحكم أطر السياسة والإدارة ليس في العراق الذي تميز أهله بالاختلاف وتميزت إداراته المتعاقبة بوأد الاختلاف، بل وفي جميع دول العالم الواقعة منها في الشرق أو في الغرب، والاختلاف من وجهة النظر النفسية موجود في الطبيعة البشرية، إذ أن بين الزوج والزوجة اختلاف في الرأي والتقدير، وبين الابن وأبيه هناك اختلاف في الرؤى والادراك، كذلك بين الام وابنتها وبين الأخوة. 
لكن الاختلاف السياسي هو الأعقد حله في المعتاد أو في الغالب يأتي عن طريق الحوار وتغليب الصالح العام ضمن إطار الوطن الواحد وتحت خيمة الدولة الواحدة. واقع في العراق لا يبدو هكذا، إذ أن النظرة القريبة على ما يجري في ساحته منذ شهرين حتى وقتنا الراهن يؤشر ان الاختلافات التي حصلت بين بعض من شرائح المجتمع وبعض من أجزاء الدولة (الحكومة) قد استمر طويلاً وأكثر من اللازم على الرغم من استجابة الحكومة لأغلب مطالب تلك الشرائح الوطنية، والاستمرار بطبيعة الحال يعود الى عديد من الأسباب، لكن أكثرها تأثيراً وفاعلية، هي الامتدادات الخارجية التي تلزم الأطراف المشاركة في المشكلة والحل في أن تعمل وتتحرك خارج خيمة الدولة، ومثل هذه الحلول تأتي حتماً لصالح هذه الدولة أو تلك التي لا تحسب ظروف العراق وطبيعة مشاكله وحاجته الى حل معين، وتسعى فقط لتأمين مصالحها هي وتوجهاتها الاستراتيجية هي من خلال طرح أفكار لحلول تراها مناسبة لأهدافها وتمرير توجهات لحلول تعتقدها ملائمة لمصالها، مما يزيد من التعقيد ويثير بالضد شرائح وطنية من 
المجتمع.  
ان توزع قوى الحل العراقية كتلاً وأحزاباً وقوى مسلحة بين الدول مهما كانت تلك الدول أصبح عامل تعقيد للأزمة، بل وزاد من تعقيدات هذه الأزمة وأطال في أمدها، وكون لها ظروفاً لا تخلو من الخطورة، إذ قد تسحب البعض من أطراف الخلاف والحل الى استخدام العنف سبيلاً لفرض الإرادة التي يقترن وجودها بالخارج، إذا ما أخذنا في نظر الاعتبار أن عديد من تلك الكتل والأحزاب تمتلك سلاحاً خارج سيطرة الدولة، أو قدرات لاستخدام السلاح الذي وضع لصالحها في مخازن 
الدولة. 
من هذا يمكن القول أن الحل يكمن فقط في العودة الى خيمة الدولة، التحرك في داخلها بحرية وعلى وفق مصالح الوطن الذي أحس الجمهور أو الشرائح التي اختلفت بأنه مسلوب من قوى أخرى أو دول أخرى إحساس هو الآخر ينذر بالخطر، الذي يقتضي التفاهم حوله ضمن خيمة الدولة، ويقتضي التمييز بين علاقات التبعية، وعلاقات المصالح التي تقتضيها سياقات الدولة واستمرار بقائها وسط صراع مصالح سوف لن يتوقف.