اقتصاد السعادة

اقتصادية 2020/01/01
...

د. باسم الابراهيمي
 
يزداد الإنفاق الخاص بليلة رأس السنة بشكل كبير عاماً بعد آخر من خلال تزايد الفعاليات التي تقام في العديد من دول العالم والتي باتت تمثل حدثاً سياحياً ومصدراً من مصادر الدخل لتلك الدول، وبحسب موقع "بيزنس انسايدر" فقد أنفقت هونغ كونغ (8) ملايين دولار في ليلة رأس السنة، وسيدني (6) ملايين دولار ولندن (4) ملايين دولار وباريس (600) ألف دولار، بينما تصدرت دبي من حيث حجم الإنفاق الذي تجاوز (400) مليون دولار، وقد أصبحت الوجهة المفضلة لدى العديد من السياح من جميع أنحاء 
العالم.
وتدخل هذه الفعاليات وآثارها ضمن أبواب علم (اقتصاد السعادة) وهو أحد الفروع الحديثة لعلم الاقتصاد ويجمع ما بين الاقتصاد والاجتماع وعلم النفس، في محاولة لتفسير الرفاهية من دون الاعتماد على الدخل فقط كما جرت العادة، وهذا ما أكده الاقتصادي ريتشارد ايسترلن قبل أكثر من أربعة عقود في بحثه "علم اقتصاديات 
السعادة".
أما بخصوص الوضع في العراق وعلى الرغم من الاهتمام الكبير الذي يحصل سنوياً بهذه المناسبة إلا أنَّ هذا العام كانت له خصوصيته، فقد قرر الاخوة المسيحيون عدم الاحتفال بليلة رأس السنة إكراماً لأرواح شهداء ساحات الاعتصام في مبادرة ليست غريبة على سمو أخلاق العراقيين وتضامنهم في السراء والضراء.
إلا أنَّ السؤال هنا هل سيؤثر ذلك في انخفاض مستوى السعادة في العراق؟ الجواب من وجهة نظري هو كلا والسبب أنَّ هناك معززات للسعادة أوجدتها الظروف الاجتماعيَّة العراقيَّة وهذا يتطابقُ مع المؤشرات العلميَّة التي أفرزتها دراسات علم السعادة، إذ أشارت الأبحاث التي أُجريت في 33 دولة مختلفة بأنَّ الأفراد الأكثر سعادة هم الأفراد الذين يشعرون بأنهم يعززون علاقاتهم الاجتماعيَّة ويعملون على تنمية شخصياتهم في أوقات 
فراغهم.
كما يرتبط كل من التسوّق وقراءة الكتب وحضور المناسبات الثقافيَّة ولقاء الأقارب والاستماع إلى الموسيقى وحضور الأحداث الرياضيَّة بمستويات أعلى من السعادة، وربما يمكننا إضافة عوامل أخرى من خلال المشاهدات العراقيَّة تتمثل في الأواصر الاجتماعيَّة التي وجدت خلال الأشهر الأخيرة التي أنهت الإفرازات الطائفيَّة وترسباتها السابقة، وهذا باعتقادي من أهم مصادر سعادتنا اليوم في وطنٍ نحلمُ بأنْ يكون هو الأكثر 
سعادة.