ساطع راجي
في خطبة الجمعة (20/ 12) قدمت مرجعية السيد السيستاني توجيهاً ذهبياً الى المجتمع بقولها «وإذا تم إقرار قانون الانتخابات على الوجه المقبول يأتي الدور للنخب الفكرية والكفاءات الوطنية الراغبة في العمل السياسي لتنظم صفوفها وتعد برامجها للنهوض بالبلد» هذا التوجيه أو النصح أو الرأي، يعيد رسم خارطة توزيع المسؤولية، فالمرجعية خلال الاشهر الاخيرة أكدت أكثر من مرة إنها لا تريد القيام بدور البديل عن المؤسسات الدستورية والقوى السياسية وركزت على ان الشعب مصدر السلطات، كما يقول الدستور وانه الطرف الوحيد الذي له حق حسم الخيارات، ومع ذلك كان من الواضح ان المرجعية دعمت المتظاهرين واسهمت في الدفع نحو بعض الخطوات التي خطتها الحكومة والقوى السياسية لتحقيق مطالب المتظاهرين.
في كل الاحوال لايمكن ان تكون المرجعية بديلا عن أحد الفاعلين السياسيين وبالتحديد بديلا عن الشعب في ضغطه على الحكومة او القوى السياسية الحاكمة ولذلك لا بد لقوى الغضب الشعبي أن تنتظم وتخوض الانتخابات وخاصة بعد تشريع قانون انتخابي يستجيب لمعظم ما اقترحته ساحات الاحتجاج، لتكون قوى الاحتجاج جسدا سياسيا يتمتع بثبات وبرامج وطرفا شريكا في اتخاذ القرار وربما اذا ما حققت فوزا كبيرا تكون هذه القوى هي الصانع الرئيس للقرار.
ليس من المنطقي ان يستمر المواطنون المحتجون بمطالبة القوى الفاسدة والفاشلة بالاصلاح فهي بطبيعتها لاتجد ضرورة لهذا الاصلاح ولو اضطرت للقيام به فإنها لن تكون قادرة على تحقيقه فهي في جوهرها موجودة بسبب كل ما يتناقض مع مطالب المحتجين وعليه فإن واجب النخب وقيادات الاحتجاج الشروع في العمل السياسي المنظم، اما رفض القيام بهذه المهمة فهو اعتراف بالفشل وعدم الجدية، وكثيراً ما تم توجيه اللوم لقوى ومنظمات دولية وحتى للقيادات المجتمعية بسبب تعاملها مع قوى الفساد والفشل ودعمها لها لكن هذه القوى والمنظمات والقيادات كانت ترد انها يجب ان تتعامل مع ماهو موجود فعلاً على ارض الواقع السياسي، وان قيامها بواجباتها وادوارها يحتم عليها التعاطي مع القوى الحاكمة رسمياً وشرعياً.
خوض المعركة الانتخابية المقبلة لن يكون سهلاً وللاسف فإن المتوقع ان تزداد شراسة قوى الفساد والفشل في ملاحقة الناشطين وستعمل على تفتيت اي تنظيم حقيقي يواجهها، ومن الطبيعي ان لا يتفق المحتجون على تنظيم واحد بعينه او قائمة انتخابية موحدة لدعمها وربما سيظهر من الساحات أكثر من تنظيم ويجب ان يتفهم المتظاهرون والمحتجون هذه الخلافات ويتقبلوها
بلا تخوين.
المعركة الانتخابية المقبلة هي الفيصل فيما إذا كانت حركة الاحتجاج ستستمر فقط باعتبارها حالة عاطفية او موجات غضب عشوائي متلاحقة أم إنها حركة واعية تعرف ماتريد وقادرة على انتاج قوى وشخصيات تخوض المعترك الانتخابي حتى تجيب على التساؤل حول عدم وجود أشخاص غير الفاسدين والفاشلين ليحكموا.