اختراقات علميَّة وتكنولوجيَّة غيرت المناهج المدرسيَّة

علوم وتكنلوجيا 2020/01/03
...

واشنطن/ أ ف ب
 
حصلت اختراقات أو اكتشافات في ستة مجالات علميَّة هي المعلوماتيَّة والفلك وعلم الوراثة والطب والإحاثة في عقد 2010 أسهمت في بدء تغيير المناهج المدرسية، ويقوم علماء استطلعت آراءهم وكالة فرانس برس بتوقع ما قد يحمله العقد المقبل في مجال المعارف.
الذكاء الاصطناعي
بلغ الذكاء الاصطناعي او ما يعرف "بتعلم الآلة " (ماشين ليرنيغ) سن النضوج في عقد 2010. فهو محرك خدمات المساعدة الصوتية أو توصيات "نتفليكس"، وهو يستمد فعاليته من معالجة كميات هائلة من البيانات مع قدرات حسابية لا حدود لها للحواسيب الحديثة.
وتقوم المرحلة التالية على "التعلم العميق" (ديب ليرنينغ) التي تسعى إلى تقليد وظائف الخلايا العصبية في دماغ الانسان وإنجاز المهمات الأكثر تعقديا.
ورافقت هذه التكنولوجيا اختراقات لافتة سجلت خلال العقد المنصرم مع أول روبوت يتفوق على بطل العالم في لعبة "غو" في 2017 (غوغل ألفاغو) إلى برمجيات الترجمة في الوقت الحقيقي أو التعرف على الوجوه من "فيسبوك".
وباتت أوساط الطب (للقيام بتشخيصات أدق) والمال وصناعة السيارات وحتى الموارد البشرية لفرز السير الذاتية وتقويم المرشحين، تعتمد هذه التقنية.
 
خطوات غوغل
في العام 2016، خطت "غوغل" خطوة كبيرة إلى الأمام على صعيد تحسين نوعية ترجماتها الآلية بفضل الذكاء الاصطناعي.
وقال هنري كوتز استاذ المعلوماتية في جامعة روتشستر: "الاختراق الأهم في عقد 2010 هو ديب ليرنينغ واكتشاف إمكان تكييف شبكات خلايا عصبية اصطناعية للقيام بمهمات كثيرة في العالم الحقيقي". وأضاف "يملك الذكاء الاصطناعي قدرات كبيرة لتعزيز اكتشافات علمية كثيرة في مجال المواد والأدوية وحتى الفيزياء الأساسية".
 
المسبار "كوريوسيتي"
لا يعرف حتى الآن إن كان المريخ مأهولاً في فترة من الفترات لكن بفضل روبوت أميركي صغير يسير على ستة دواليب، بات العالم يعرف أن الكوكب الأحمر كان قابلا للحياة. فبعيد هبوطه في 6 آب 2012، تمكن المسبار "كوريوسيتي" من اكتشاف حصى في مؤشر جديد إلى أنَّ الأنهر كانت تجري فيه قبل مليارات السنوات. وقد تكاثرت منذ ذلك الحين الأدلة. فيبدو أنَّ المريخ كان يزخر بالمياه من منابع مياه ساخنة وبحيرات وربما محيطات. واكتشف "كوريوسيتي" كذلك ما أطلقت عليه وكالة الفضاء الاميركية (ناسا) اسم "مداميك الحياة" وهي جزئيات عضوية مركبة في العام 2014.
 
روبوتان جديدان
وسينتقل العلماء الآن إلى دراسة السؤال التالي: هل قامت الحياة فعلا على الكوكب الأحمر؟ وسيطلق مسباران متحركان جديدان في صيف العام 2020 هما الأميركي "مارس 2020" والأوروبي "روزاليند فرانكلين" لرصد جراثيم قديمة محتملة.
وقالت إميلي لاكداوالا من "بلانتيري سوساييتي"، "سيتمحور علم الفضاء في العقد المقبل على القمر والمريخ والكويكبات". وهي تأمل بأن تقرر وكالات الفضاء استكشاف كواكب كبيرة منسيَّة في النظام الشمسي مثل الزهرة وأورانوس ونبتون خلال عقد 2030.
 
التلسكوب "كيبلر"
لفترة طويلة، كان البشر يظنون أنهم يقيمون في نظام شمسي فريد. إلا أن التلسكوب الفضائي "كيبلر" الذي أطلق العام 2009، أظهر أنَّ الأمر ليس كذلك. فقد سمح باكتشاف 2600 كوكب خارج عن النظام الشمسي فيما يرى علماء الفلك أنَّ ثمة المليارات منها. وأطلقت الناسا في العام 2018 التلسكوب "تيس" ليخلف "كيبلر".
ما الذي ينبغي انتظاره في عقد 2020؟ يتوقع تيم سويندل مدير مختبر الدراسات الكونية في جامعة أريزونا حصول تحاليل دقيقة للغلاف الجوي لهذه الكواكب الخارجية لمعرفة أي منها قابل للحياة.
واكتشف سكان الأرض كذلك هذه السنة الصورة الأولى لثقب أسود انجزها مشروع "إيفنت هورايزن تيليسكوب". ووعد مديره شيب دولمان خلال العقد المقبل تقديم أول فيلم عن ثقب أسود. وأوضح "تخيلوا انكم تنظرون إلى ثقب أسود يتنقل في الوقت الحقيقي".
لكن ثمة حدث طبع العقد الفائت أكثر من غيره وهو رصد للمرة الأولى في 14 أيلول 2015 موجات جاذبية. فقد التحم ثقبان أسودان في زوبعة قبل 1,3 مليار سنة في عملية اصطدام قوية جدا نشرت في بقية الكون موجات تقلص الفضاء وتمدده وهي تتنقل بسرعة الضوء وقد طالت الأرض في ذلك الصباح. وأكد ذلك صوابية نظرية أينشتاين. وقد كوفئ ثلاثة رواد من منشأتي "ليغو" و "فيرغو" بجائزة نوبل العام 2017.
ويستمر علماء الكونيات في مناقشة جذور تشكل الكون. فالمادة السوداء غير المرئية التي يتشكل منها الكون بغالبيته لا تزال لغزاً كبيراً.
 
تقنيَّة لا تقهر
أما في مجال الطب الحيوي، فيمكن التحدث عن مرحلة ما قبل كريسبر وما بعد كريسبر. وقال وليام كايلين الحائز نوبل الطب للعام 2019 إن "التعديل الجيني بواسطة كريسبر يتصدر بأشواط" اكتشافات العقد.
وينجح علماء الوراثة منذ فترة طويلة في التعديل الجيني لكن تقنيات تعديل المجين كانت صعبة ومكلفة وغير دقيقة.
في حزيران 2012، تحدثت الباحثتان إيمانويل شاربانتييه وجينيفر دودنا وزملاء لهما في مجلة "ساينس" عن أداة جديدة قادرة على تبسيط تعديل المجين. وقد سميت هذه الآلية "كريسبر/ كا9" ولقبت بالمقص الجيني. وهي سهلة الاستخدام وغير مكلفة وتسمح للعلماء بقص الحمض النووي في المكان المحدد لإحداث تحول جيني أو تصحيح جيني ومعالجة أمراض نادرة.
وقال كيران موسونورو من جامعة بنسيلفانيا إن هذه التقنية "لا تقهر".
وقد حصلت الباحثتان على الكثير من الجوائز منها "بريكثرو برايز" في 2015 وجائزة "أميرة استورياس" للعلوم في 2015 وجائزة "كافلي" لعلوم النانو في النروج في 2018.
إلا أن هذه التقنية لا تزال تحتاج إلى تحسين وثمة مخاوف من حصول تلاعبات كما الحال مع عالم صيني استخدم هذه الأداة على أجنة بشرية خلال عملية تلقيح بالانبوب أدت إلى ولادة طفلتين توأمين. وأراد من خلال التحول الجيني الذي احدثه جعلهما مقاومتين لفيروس الإيدز، إلا ان "كريسبر" تسبب ايضا بتحولات جينية عرضية أخرى لا يزال أثرها على الصحة غير معروف.
إلا أن "كريسبر" بات موجودا في كل المختبرات. ويتوقع كايلين زيادة كبيرة جدا في استخدامه للشفاء من أمراض.
 
العلاج المناعي
على مدى عقود، كان أمام الأطباء ثلاثة حلول لمواجهة ورم سرطاني: الجراحة والسم (العلاج الكيميائي) والعلاج بالأشعة.
لكن في عقد 2010، حلت فكرة رابعة كانت موضع شكوك لفترة طويلة وهي العلاج المناعي. ويقوم مبدأ هذا العلاج على العمل على الكريات البيض التي يتشكل منها النظام المناعي لكي ترصد الخلايا السرطانية ومهاجمتها، إذ إنَّ السرطان ينجح في التخفي داخل الجسم. وأكثر هذه التنقيات تطورا هي "كار-تي" وهي تعدل جينيا الخلايا اللمفوية "تي" قبل أن تعيد بثها بأعداد كبيرة في الجسم وتكون تاليا أكثر قوة ومقاومة.
وحصلت مجموعة واسعة من الأدوية على ترخيص في السوق منذ مطلع عقد 2010 وهي موجهة إلى معالجة عدد متزايد من السرطانات مثل الميلانوما وسرطان الدم وسرطان الرئة...
إلا أنَّ العلاج الجيني لا يوافق كل المرضى وقد يخلّف آثاراً جانبيَّة خطرة. ويرى وليام كانس المدير العلمي لجمعية "أميريكن كانسر سوساييتي" أن العقد المقبل سيحمل علاجات مناعية "أفضل وأقل كلفة".
 
ثورة التطور البشري
بدأ العقد باكتشاف نوع إنساني جديد. ففي كهف دينيسوفا في جبال التاي في سيبيريا، كشفت عظام أصابع حللت جينيا أن الشخص ينتمي إلى نوع بشري كان مجهولاً حتى الآن وسمي انسان دينيسوفا.
وانضم هذا النوع إلى أنواع بشرية أخرى معروفة استوطنت قارات مختلفة في العالم، مثل انسان نياندرتال في أوروبا والانسان المنتصب في آسيا وانسان سولو في جزيرة جاوة وانسان فلوريس على جزيرة فلوريس (2004) وانسان ناليدي في جنوب إفريقيا (2015) والنوع الأخير الذي اكتشف في جزيرة لوسون في الفيليبين وهو انسان كالاو.
وعلى صعيد انسان نياندرتال، فقد نزعت عنه نهائيا صورة الانسان البدائي المتخلف مع اكتشاف كهوف تحمل رسوما في إسبانيا وأدلة على أن هذا الانسان كان يضع الحلي ويدفن موتاه مع زهور.
ويستكمل الانسان الحديث بذلك شجرة نسل تظهر بوضوح أن التطور البشري لم يأت على خط مستقيم وأنه حتى فترة ليست ببعيدة، تعايشت أنواع بشرية مختلفة واختلطت وتزاوجت في ما بينها. وكانت الغلبة للانسان الحديث قبل عشرة آلاف سنة فقط.
 
تقنيات التحليل الجيني
وفتحت تقنيات التحليل الجيني للحمض النووي القديم، مجالات لم تكن ممكنة أمام علماء الإناسة الذين بات بإمكانهم فك مجين متحجرات تعود إلى عشرات آلاف السنين. وقال فاغيش ناراسيمان عالم الوراثة في جامعة هارفرد إن هذا الاختراق "أطلق ثورة في قدرتنا على دراسة التطور البشري وتفسير أصولنا".
وخلال العقد المقبل، يجب المضي قدما في تحليل بروتينات في هياكل عظمية قديمة تعود إلى ملايين السنين. وقالت عايدة غوميس-روبليس عالمة الإناسة في جامعة يونيفرسيتي كوليدج في لندن "بفضل هذه التقنية، يمكننا أن نضع الكثير من المتحجرات في مكانها في التطور".