تعايش الاقتصاد العالمي في 2019 مع فترة من «التباطؤ المتزامن» على حد وصف صندوق النقد الدولي في العديد من تقاريره الأخيرة بشأن الآفاق المستقبلية، لكن كان للسياسة النقدية الدور الحيوي الذي لعبته في تقليل تداعيات التباطؤ.
وعانى نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي - ولا يزال - من الضعف الناجم عن تنامي الحواجز التجارية فضلا عن عدم اليقين السياسي والجيوسياسي الآخذ في الزيادة، ما ألحق الضرر بالتبعية بالاستثمارات وثقة المستهلكين.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تكون أعلى وتيرة نمو في الاقتصادات الكبرى خلال العام الحالي مسجلة في الصين والهند التي تشير التقديرات إلى أنها ستبلغ 6.1 بالمئة لكلا البلدين، لكنه في المقابل يتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي لإيطاليا “صفر” في مجمل 2019 رغم الأداء الجيد المسجل بالربع الثالث.
أبرز الخاسرين
تعرضت أكبر قوتين اقتصاديتين حول العالم إلى حالة من التباطؤ في النشاط الاقتصادي على خلفية التوترات التجارية والخلاف حول الصفقة المرتقب توقيعها بين الولايات المتحدة والصين.
فالنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة تباطأ من مستوى يتجاوز 3 بالمئة في الربع الأول إلى 2 بالمئة في الربع الثاني قبل أن يتعافى قليلاً خلال الربع الثالث عند 2.1 بالمئة.
وبالنظر إلى النمو الاقتصادي في الصين فقد سجل 6 بالمئة في الربع الثالث من العام الحالي على أساس سنوي، وهي أدنى وتيرة نمو منذ الربع الأول للعام 1992، مقابل زيادة 6.2 بالمئة في الربع الثاني.
وجاء أداء منطقة اليورو خافتاً في العام الماضي لكن ألمانيا لا تزال بمثابة صداع رئيس أمام القارة العجوز. وسجل الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو نمواً بنحو 1.1 بالمئة خلال الربع الثالث على أساس سنوي مقارنة مع ارتفاع 1.2 بالمئة بالربع الثاني، لكن الاتحاد الأوروبي خفض تقديراته بشأن الأداء الاقتصادي.
أميركا اللاتينيّة
لم يكن الوضع أفضل حالاً في كل من المكسيك وتشيلي والأرجنتين خلال 2019، إذ ضرب الركود الاقتصادي (الانكماش لمدة فصلين متتاليين) الأولى رغم جهود البنك المركزي في البلاد، وتأثرت الثانية سلباً بضغوط التوترات السياسية، أما الثالثة فالأزمات المالية واحتمالات التعثر عن سداد الديون تحاصرها.
وكان وزير المالية في تشيلي حذر من العواقب الوخيمة للاحتجاجات المستمرة في البلاد، مشيراً إلى أنّها كلفت الاقتصاد 3 مليارات دولار.
الاقتصاد الآسيوي
تعيش هونج كونج تحت مأساة الاحتجاجات السياسية منذ حلول النصف الثاني من العام ليدخل الاقتصاد رسمياً في حالة ركود بعد انكماشه في الربع الثالث للمرة الثانية على التوالي.
وتباطأ نمو اقتصاد الهند خلال الربع الثالث من العام الماضي إلى أدنى وتيرة في 6 سنوات عند 4.5 بالمئة مقابل 5 بالمئة المسجلة في الربع السابق له.
وتشهد الهند إعلان بيانات اقتصادية مخيبة للآمال واحدة تلو الأخرى، سواء في الاستثمارات الخاصة والصادرات أو في الطلب على السلع الاستهلاكية أو الإنتاج الصناعي للبلاد.
تفاقم الأزمات بثاني أكبر اقتصاد في قارة أفريقيا.. تعرض اقتصاد جنوب أفريقيا إلى انكماش في أول ثلاثة أشهر من العام قبل أن ينمو في الربع الثاني ثم يعاود الانكماش مجدداً خلال الربع الثالث وسط ضغوط قطاعي التعدين والصناعة.
ومن جانبه، حذر صندوق النقد من الرياح المعاكسة التي تواجه اقتصاد جنوب أفريقيا، داعياً إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل الإصلاح.
أبرز الرابحين
بعد تسجيل أول ركود اقتصادي في
عقد من الزمن، كان 2019 عاماً فاصلاً بالنسبة لتركيا كونها تمكنت من التعافي التدريجي لتسجل خلال الربع الثالث أول
نمو بالناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي.
وعانى اقتصاد تركيا من حالة ركود في العام الماضي على خلفية أزمة العملة التي فقدت نحو ثلث قيمتها، لكن الحكومة تدخلت من أجل كبح خسائر الليرة والتضخم المتسارع.
كما نجح اقتصاد اليابان في تسجيل أداء اقتصادي جيد خلال العام بدعم الحوافز القوية التي ضختها الحكومة في مسعى لمواجهة التحديات الخارجية.
وبعد أن سجل الناتج المحلي الإجمالي لليابان نمواً بالربع الأول من العام على عكس توقعات انكماشه، ارتفع بأكثر من التوقعات في الربع الثاني كما أن قراءة الربع الثالث تم تعديلها بالرفع بشكل حاد.
ورفعت الحكومة اليابانية توقعاتها
للنمو الاقتصادي عن العام المالي
المقبل والذي يبدأ في نيسان 2020 مع توضيح الأثر الإيجابي للتحفيز المالي في
دعم الاقتصاد الأكبر عالمياً بعد واشنطن وبكين.