طهران تتوعد واشنطن بالرد العسكري ثأراً لسليماني

قضايا عربية ودولية 2020/01/04
...

عواصم  / وكالات
 

في وقتٍ رفعت فيه في مدينة قم الإيرانية الراية الحمراء على قبة مسجد القائم في جمكران بمدينة قم في إشارة إلى نية طلب الثأر للجنرال قاسم سليماني الذي اغتيل بغارة أميركية أمس الأول الجمعة، استبق المتحدث باسم هيئة أركان الجيش الإيراني العميد أبو الفضل شكارجي، الحدث وحذر الأميركيين بأنهم سيتلقون ضربة أقوى في حال ارتكبوا "أي جنون" بعد رد طهران على مقتل سليماني.

وجرى تشييع جثمان سليماني في مدينة الكاظمية وكربلاء المقدسة والنجف الاشرف في العراق قبيل نقل جثمانه الى إيران ليوارى الثرى، في مسقط رأسه، بينما انتشر على مواقع التواصل فيديو لمراسم رفع الراية الحمراء في مدينة قم مرفق بتغريدات عن معاني هذا الحدث ودلالاته. 
 
سيناريوهات خطيرة
وأثارت أزمة اغتيال سليماني العديد من التكهنات بشأن تداعياتها، فوسط إعلان واشنطن نشر قوات إضافية في المنطقة ووعيد طهران بالانتقام، تتعدد السيناريوهات بين الفوضى والحرب والأعمال الانتقامية.
ويقول خبراء: إن الجماعات العديدة المؤيدة لإيران في المنطقة قد تقوم بتنفيذ هجمات ضد القواعد الأميركية في دول الخليج أو ضد ناقلات نفط أو ضد السفن التجارية في منطقة مضيق هرمز الذي يمكن لطهران إغلاقه في أي وقت.
كما يمكنها استهداف القواعد المتعددة التي ينتشر فيها الجيش الأميركي والسفارات الأميركية الأخرى في المنطقة، إضافة إلى مهاجمة حلفاء واشنطن.
وتعتبر كيم غطاس من مؤسسة "كارنيغي" للسلام الدولي أنه من الصعب توقع تطورات المشهد، وتتساءل: "حرب؟ فوضى؟ أعمال انتقامية محدودة؟ لا شيء؟ لا أحد يعرف حقيقة، لا في المنطقة ولا في واشنطن، لأنّ ما حدث غير مسبوق"، وقد ينجم عن تصاعد نفوذ الأطراف الموالية لإيران تداعيات دبلوماسية طويلة الأمد".
وتقول الخبيرة في شؤون الخليج سنام فاكيل من معهد "تشاتام هاوس" البريطاني: "إنها اللحظة التي كان يخشاها المحللون ويحذرون منها، وهي دعوة حلفاء إيران للتحرك لدعمها".
وتضيف أنّ "هذه التحالفات التي بقيت منفصلة قد تعمل معا بطريقة عابرة للحدود"، وتتابع "هل ستكون هناك عملية عسكرية منسقة بين الحوثيين وحزب الله وغيرهم وإيران؟ هذا هو السيناريو الأكثر قتامة".  
 
موقف ايراني
في الوقت نفسه حذر المتحدث باسم هيئة أركان الجيش الإيراني العميد أبو الفضل شكارجي، الأميركيين بأنهم سيتلقون ضربة أقوى في حال ارتكبوا "أي جنون" بعد رد طهران على مقتل  سليماني، ونقلت وكالة "مهر" الإيرانية، عن شكارجي، قوله،"سنرد بقوة على جريمة الولايات المتحدة وهذا من حقنا الطبيعي، وإذا ارتكبوا أي جنون بعد ردنا، سوف يتلقون ردا أقوى".
وأضاف: "إذا اندلعت حرب في المنطقة فإن مسببها سيكون أميركا نفسها"، موضحا "لن تتسرع إيران في الرد وتتجنب ذلك ولكنها ستنتقم لجريمة اغتيال سليماني".
وتابع المتحدث باسم هيئة أركان الجيش الإيراني: "لقد ألقى الأميركيون صخرة ضخمة في الطريق، ولا يمكنهم إزالتها مرة أخرى، ويجب أن يتلقوا ردا على هذا الجريمة غير الإنسانية والإرهابية"، حسب تعبيره.
بدوره، أكد الرئيس الايراني حسن روحاني أن الانتقام لسليماني "حق إيران الطبيعي"، وأن هذا الانتقام يتحقق "عندما نرى كيف يقطع المجاهدون يد أميركا في المنطقة". وحذر الرئيس الإيراني من أن الولايات المتحدة ستشهد تداعيات اغتيال سليماني "طيلة السنوات المقبلة"، وقال: "أميركا ارتكبت خطأ كبيرا لا تدركه، وتداعياته ستمتد لسنوات". 
واعتبر روحاني أنه بعد اغتيال سليماني "باتت أميركا منبوذة أكثر من السابق".
وكان المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي والرئيس الايراني حسن روحاني قد زارا عائلة سليماني للتعبير عن مواساتهم وتعازيهم لعائلة الفقيد.
من جانبه، اعتبر سفير إيران لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي، أن قتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني بضربة جوية أميركية، أشبه بشن حرب، مؤكدا أن "الرد على عمل عسكري يكون بعمل عسكري".
وقال تخت روانجي في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية:إن الولايات المتحدة دخلت باغتيال سليماني مرحلة جديدة بعدما بدأت "حربا اقتصادية" بفرض عقوبات مشددة على إيران عام 2018.
وأضاف السفير أن هذا "فصل جديد يعادل بدء حرب ضد إيران".
وجدد روانجي تأكيد زعماء إيرانيين على أن الانتقام على اغتيال سليماني سيكون قاسيا، وقال إنه ينبغي على واشنطن انتظار كيف ومتى وأين سيكون الرد، مشيرا إلى أن "الرد على عمل عسكري سيكون عسكريا بالتأكيد".
وكان السفير الإيراني، قد أبلغ مجلس الأمن الدولي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بأن بلاده تحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس بموجب القانون الدولي، مؤكدا أن قتل سليماني "مثال واضح لإرهاب الدولة  ويمثل انتهاكا صارخا للمبادئ الأساسية للقانون الدولي".   
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الشروع في عدد من الإجراءات، لملاحقة الولايات المتحدة قانونيا على خلفية اغتيالها قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وقال ظريف في حديث للتلفزيون الإيراني: إن الولايات المتحدة بعثت لطهران "رسالة وقحة" عبر السفير السويسري، مؤكدا أن إيران قدمت "ردا حاسما" عليها بشكل مكتوب.
واعتبر ظريف أن واشنطن بعملية اغتيال سليماني، "ارتكبت خطأ ستراتيجيا"، مرجحا أن تكون الولايات المتحدة قد حصلت على "استشارات خاطئة من قبل قادة دول عربية رجعية وإسرائيل" لتنفيذ هذه العملية.
وأكد أن لدى إيران "الحق القانوني" في الرد على اغتيال سليماني، مضيفا أنه سيكون "في الزمان المناسب وبالشكل الذي نراه أفضل". 
 
تدمير القانون الدولي
بدوره، قال قسطنطين كوساتشيف رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي: إن اغتيال قاسم سليماني، يعتبر تدميرا لنظام القانون الدولي الحالي، الذي أنشئ في أعقاب الحرب العالمية الثانية. 
وأضاف كوساتشيف، "يجري تدمير القانون الدولي من حيث المبدأ، بالشكل الذي تمت صياغته، وفقا لنتائج الحرب العالمية الثانية".    
وفي مقابل سيناريوهات التصعيد بين واشنطن وطهران، علق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بالقول إن "العالم لا يمكنه تحمل حرب جديدة في الخليج".
 
مشروع قرار
في المقابل، قدم السيناتور الديمقراطي تيم كين، مشروع قرار لمجلس الشيوخ، يهدف لضمان عدم تمكن الرئيس دونالد ترامب، من إشعال حرب مع إيران من دون موافقة الكونغرس الأميركي.
ووفقا لما ذكرته وسائل الإعلام الأميركية، فإنه إذا تمت الموافقة على هذه المبادرة في كلا مجلسي الكونغرس، سيتوجب على ترامب سحب القوات الأميركية المشاركة في المواجهة مع إيران في غضون 30 يوما.
ونقل موقعThe Hill، عن السيناتور قوله: "على مدى عدة سنوات، كنت قلقا للغاية من أن الرئيس قد يبدأ حربا مع إيران. لقد وصلنا الآن إلى النقطة التي يجب فيها على الكونغرس التدخل قبل أن يختلق ترامب المزيد من المتاعب لجيشنا".
وأضاف تيم كين القول: "يجب علينا، من أجل جنودنا، أن نقوم بإجراء مناقشة والتصويت حول ما إذا كانت حرب أخرى غير ضرورية في الشرق الأوسط، تتماشى مع مصالحنا الوطنية".
وفي حال موافقة مجلسي النواب والشيوخ على مبادرة كين، ستتم إحالتها إلى الرئيس ترامب 
للتوقيع عليها.