الرابط مع الوطن

آراء 2020/01/06
...

حسين رشيد
 
بمناسبة وبدونها، كان النظام المباد، يستهين بالشعب إن كان عبر سياساته الاستبدادية المستندة إلى جملة أحقاد طبقية وايديولوجية وقومية أو كتابات ثلّة من مثقفيه وكتّابه وهم يمتدحون الطاغية على حساب كرامة الشعب، فضلاً عن احاديث (القائد الضرورة) التي كان أغلبها يبعث على الغثيان كما تفعل خطابات بعض ساسة المرحلة الحالية، وهم يتحدثون عن محاربة الفساد والإرهاب، في الوقت الذي يُعَدّون من سدنة الفساد وداعمي الإرهاب والتطرّف، إن كانت الجهات المباشرة أو تلك التي تدعمه من خلال تبنّي سياسة الاقصاء والتهميش (للوطنيين المبدئيين) وتقريب من يبدي ويقدّم الولاء، مع استدراجهم لثلّة من الكتّاب والمثقفين الذين لا يتهاونون بكيل المديح لمن يدفع أو يدعو لمأدبة عشاء أو افطار خاصة اولئك الذين لهم خبرة وباع في المرحلة 
السابقة.
ليس من الصعب على أيّ شخص الإساءة للآخرين، فحفظ كم جملة مستهلكة مع بعض العبارات التي تنخفض الى مستوى الشتائم أو النعوت المسيئة كفيلة بذلك. في ظل وجود مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات المدوّنين التي تصل أسعار البعض منها الى الآلاف من الدولارات، وقنوات فضائية يتسلل اليها المال السياسي الأسود لأجل تمرير أيّ خطاب يراد منه تشويه الحقائق وتغيير الأحداث في محاولة لتبييض وجوه البعض من ساسة المرحلة ولصوص التحرير وناهبي المال العام، على حساب دماء الضحايا والأبرياء الذين يسقطون بفعل الارهاب والتطرف الديني.
كثيرة هي الشعوب التي تعرّضت للاضطهاد السلطوي، الذي يتبنى في الغالب سياسة التجهيل وقمع ايّ محاولة لبث الوعي، وربما يكون الشعب العراقي في مقدمة تلك الشعوب التي تعرضت لحملات تجهيل أربعين عاماً من حكم سلطة دكتاتورية فاشية، لم تدخر جهداً ولا وسيلة في اذلال الشعب وطمس معالمه المتحضّرة عبر تسليط ثلة من الجهلة على مقدّراته، ليأتي لصوص التحرير ويتفنّنون هذه المرة في ابقاء حالة الجهل وزيادتها عبر خلق صراعات مذهبية مقيتة، وجد بعض رجال الدين فيها ضالتهم، فأخذوا ينسجون الحكايات والخرافات التي وجدت مكانها في عقول الكثير من الناس الذين مارس عليهم النظام المباد سياسة التجهيل. أربعون عاماً سلطة دكتاتورية فاشية قامعة، خاض الشعب تحت سطوتها حربين وعانى من عقوبات اقتصادية وحملات سجن وإعدامات وقتل واغتيال. وستة عشر عاماَ سلطة دينية بصراعات مذهبية غير منتهية، إرهاب يضرب البلاد، سلاح منفلت، عصابات تحت مختلف التسميات والتغطيات السياسية. وفسادٌ وضَعَ العراق بمقدمة الدول الفاسدة وفِي مؤخرة الترتيب بمستوى الخدمات والتعليم والصحة والأمن، كل هذا والبعض من الاعلاميين والمدوّنين والسياسيين يتحينون الفرص، بتوجيه التهم للشعب العراقي وتحميله المسؤولية عما حدث ويحدث له، متناسين حجم الثمن الذي دفعه الشعب جراء الحروب والعقوبات الاقتصادية وبطش الدكتاتورية والعنف الطائفي وتفشي الفساد.
علينا أن لا ننسى شتيمة الشعب وتعويد الناس عليها، واحدة من الوسائل القذرة لإضعاف الرابطة بين الإنسان ووطنه أي اضعاف الروح الوطنية، يجب أن لا نعتقد أن مثل هذه التوجهات وترويجها تأتي وتحدث بشكل عفوي فكل شيء في السياسة والإعلام يتم وفق توجيه صارم لا مكان للعفوية فيه. محاربة الفساد ومحاسبة السارقين، لا تتم بشتم الشعب والطعن به بل من خلال تحديد الأهداف والتعبئة تجاه تحقيقها.