الجيـــش يســــــتعيد هيبتـــــــــه

آراء 2020/01/07
...


 

عبد الحليم الرهيمي
 
مرت قبل يومين الذكرى الـ 99 لتأسيس الجيش العراقي في 6 كانون الثاني عام 1921 وهو التاريخ الرسمي الذي اعتمدته الحكومة العراقية التي أعلن عن تأسيسها في 11 تشرين الثاني عام 1920.

 

وخلال مسيرته الطويلة هذه التي ناهزت القرن من الزمن واجهت عملية بناء الجيش مصاعب واشكالات عديدة كي يصبح العماد والركن الأساسي لبناء دولة العراق الحديثة، وبما يمكنه من الدفاع عن حدود الوطن وحماية شعبه.
مع ذلك، ورغم أن الشعار أو الموقف الأثير لغالبية الشعب العراقي هو: (الجيش سور للوطن) وان الجيش حام للشعب، لكنه لم يسلم من بعض الانتقادات التي كانت توجه اليه كمؤسسة ولعدد من قياداته من بعض الجهات الداخلية والخارجية المتضررة من وجوده كأحد الأركان الاساسية وعماد بناء الدولة والدفاع عنها، او بسبب أخطاء يرتكبها بعض قياداته العسكرية او السياسية فترتد عليه سلبيات تلك الاخطاء. ولعل حملة الانتقادات الظالمة وغير الموضوعية التي وجهتها اليه بعض الجهات الداخلية والخارجية بعد غزو داعش للعراق واحتلاله لجزء من أراضيه في العاشر من حزيران عام 2014 هي أحد الأمثلة على ذلك، إذ وجهت له تهم التخاذل والهزيمة والعجز عن مواجهة عدو غزا العراق وتحميله مسؤولية تواطؤ وفساد بعض قياداته العسكرية المسؤولة مباشرة عن أمن وسلامة تلك المناطق فضلاً عن مسؤولية القيادات السياسية والأمنية المسؤولة عن تلك القيادات العسكرية، التي كشف اسماء البعض منها بينما تضمن تقرير اللجنة البرلمانية حول الموصل كل الاسماء والجهات السياسية والعسكرية المسؤولة عن ذلك وعن جريمة سبايكر، إذ ركنت رئاسة البرلمان والجهات المعنية الاخرى ذلك التقرير جانباً والتزمت الصمت المريب حوله !
 
غير أنّ تلك الصدمة المروعة التي تلقاها الجيش من غزو داعش واحتلاله اولاً ومن الانتقادات الظالمة التي وجهت اليه كمؤسسة حامية للوطن ولشعبه ثانياً سرعان ما بدأت تتبدد وتتوضح حقيقة الاحداث والجوهر الحقيقي للجيش ولكل القوات المسلحة العراقية ما ان بدأ الهجوم المعاكس ضد داعش ومقاتلته والحاق الهزيمة المرة به واعلان النصر عليه في العاشر من كانون الاول عام 2017 وانهاء (دولة خلافته) الخرافية في الموصل.
 
لقد أدى الجيش العراقي دوراً اساسياً في معارك التحرير بمساندة ومشاركة الشرطة الاتحادية والقوى الامنية والمتطوعين الذين لبوا نداء المرجعية الدينية، وكذلك الحشد الشعبي والعشائري وقوات البيشمركة فضلا عن الدور المهم والفعّال لقوات التحالف الدولي الذي شاركت فيه نحو 74 دولة ومنظمة بقيادة الولايات المتحدة الاميركية، وكان العراق أحد أعضاء هذا التحالف.
 
لقد مثل هذا الدور الذي أداه الجيش في مقدمة القوى المسلحة الاخرى وبمختلف صنوفها لمقاتلة وهزيمة داعش، المأثرة الكبيرة الاولى في سجله المهني الناصع التي حققها بعد الانتقادات التي وجهت اليه، اما المأثرة الثانية المهمة فهي تمكنه من الاسراع في إعادة بناء نفسه بالتأهيل والتدريب واكتساب الخبرة والمهارات على يد مدربين وخبراء غربيين ومن حلف (الناتو) فأصبح بذلك يمتلك جهوزية عالية وقادرة على الدفاع عن العراق وشعبه ضد اي اعتداءات توجه ضدهم، وهذا ما يمكننا من القول دونما مبالغة، لقد استعاد الجيش العراقي بذلك هيبته وعافيته بعد (الوعكة) التي ألمت به بعد غزوة عصابات داعش، وهو قول يمكن اعتباره أجمل هدية تقدم له بمناسبة ذكرى تأسيسه التاسعة 
والتسعين.
 
ولعلّ من المفيد التذكير هنا، كمثال، لقد واجه الجيش اللبناني ابان الحرب الاهلية 1982-1975 انقساماً وتشتتاً كبيرين، لكنه بعد ان استعاد وحدته وهيبته وعافيته، اصبح في موضع الاحترام الكبير من جميع اللبنانيين بمختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم، حتى اصبح الكثير – ان لم نقل جميع – اللبنانيين الذين ما ان يلتقوا بمنتسب او ضابط في البزة العسكرية أمامهم في الشارع، حتى يبادروه بالتحية، تقديراً واحتراماً وهو التقدير والاحترام الذي اصبح غالبية العراقيين يكنونه لمؤسستهم العسكرية الاساس: الجيش العراقي.