البلد السعيد..

آراء 2020/01/08
...

حسب الله يحيى 
نحن شعبٌ غير سعيد.. حياتنا متشائمة ولا نعرف التفاؤل في نظرتنا الى المستقبل!
هذه هي الحقيقة التي كشفت عنها مؤسسة (غالوب) الدولية للابحاث، وذلك من خلال استطلاع شمل (50) دولة، وجاءت مرتبة العراق الرابعة في تسلسل الشعوب التي لا تعيش وضعاً سعيداً بعد: لبنان والاردن وسوريا.
واذا كانت هذه البلدان الثلاثة، غير سعيدة حقاً، فلأنها تعيش اوضاعاً امنية صعبة الى جانب اوضاع اقتصادية متدنية تنعكس على مجمل الحياة المعيشية والتربوية والصحية والنفسية.
إلّا أن العراق بما يمتلكه من ثروات نفطية وسياحة دينية، ونهران عظيمان، يفترض ان يكون في مقدمة البلدان السعيدة والمتحضرة والامنة والمزدهرة معيشياً وتربوياً وصحياً ونفسيا كذلك.
وهو في هذا الميدان يختلف عن البلدان العربية الثلاثة بسبب غنى ثرواته.. لكن هذه الثروات الطائلة تهدد في شؤون غير معروفة من قبل العراقيين، إلّا في ما يتعلق بالامتيازات وعدم وجود قانون عادل لرواتب الموظفين.
ومن هنا يصح قول المفكر تشومسكي: (لا يوجد شيء اسمه بلد فقير، يوجد فقط نظام فاشل في إدارة البلد).
ومثل هذا القول يبدأ بالأسرة العراقية وكيفية تنظيم دخلها المالي وحصر ميزانيتها الشهرية وتوفير مستلزماتها بحيث لا تكون دائنة ولا مدينة لأحد.. 
ولا تشكو من حال يمكنها حله بالنظام ودقة الصرفيات.. 
هذه الصورة في ميزان أسرة عراقية يمكن ان تخط مسارها بنفسها، فكيف اذا كان الامر في بلد غني كالعراق.. شعباً ووطناً ودولة؟
إنّ الحقيقة التي ينبغي ان نعرفها ولا نكابر في اهمالها وتجاوزها هي اننا لا نعرف كيف نعد ميزانيتها المالية ولا نظام حياتنا على مستوى النظام المعرفي المسؤول الواعي والمدرك لاحواله، لذلك وجدنا بلداً متحضراً مثل المانيا، يعتمد على مجانية التعليم.. ليس لان الشعب الالماني وحكومته كرماء كما عرب حاتم الطائي، ولكنهم درسوا الخسائر والارباح في الامية والتعليم فتبيّن لهم ان الجهل والامية من شأنهما الحاق الخسائر بهم، اضعاف ما يحققه التعليم المجاني.. 
ترى هل نعد الجهل الذي يضرب ويعصف في مجمل حياتنا.. هو السبب في فداحة الاحوال المتردية التي نعيشها على المستويات الاقتصادية والتربوية والصحية..؟
لا نقصد بالجهل الأمية وحدها وإنما غياب الوعي المسؤول عن الذات وعن الآخرين في عين الوقت.. 
فاذا لم ينظم الانسان فرداً وأسرة نظام حياته، واذا فشل في اداء عمله ولم يكن محصناً بقيم الفضيلة ومصداقية الاداء والاخلاص فيه، فإن مآل الامور ستكون حالاً.. له صفة احوالنا المتردية كما نشهدها يومياً وليس لنا من سبل ميسورة للخروج منها.
إنّ مقياس السعادة المفقودة التي نريد ان نحققها لانفسنا والى شعبنا في آن واحد، تتطلب منا الانفتاح على بعضنا البعض والتعامل بوعي وعلمية ووطنية مسؤولية في الاداء الصحيح، لا الاداء النفعي المحدود الذي لا يرى حقاً للآخرين في الحياة، وإنما الحق كله والكسب والغنيمة كلها لعناصر محدودة لا تؤمن إلا بسعادة نفسها.. لذلك يصعب عليها الخروج من مأزق الوطن المعلول والبلاد المسحوقة والشعب الذي انطفأت سعادته.. وليست هناك مفاتيح للعيش السعيد بهذه السهولة.. فهل نصحو وندرك الى اين نتجه؟