علم الاقتصاد عماد الحياة المعاصرة، وفن إدارته يكون بالاستثمار الأمثل للموارد والثروات، والتخطيط الستراتيجي، ويشغل اقتصاد المعرفة أهم فروع علم الاقتصاد من خلال استثمار العقول علمياً بالتعليم ومخارجه، لذلك تستدعي الضرورة القصوى بالاهتمام بالتعليم، لصناعة العقول، وللبناء والتنمية والتنويّر.
يوفر عصر المعلوماتية استشراف المستقبل من خلال كمية المعلومات، والتواصل المعرفي والعلمي، والتواصل بجميع المجالات إشارات للقفزات العلميّة التي تخطوها الدول المتحضرة التي تركز على النهوض، والتنمية والتمدن وتحقيق حقوق الإنسان فمعدل النجاح وطرائق التعليّم واستخدام الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات هو المستقبل، واستشراف النهوض العلمي المتطور من خلال المناهج الموائمة لعقول التلاميذ وتنمية المهارات، بجميع المجالات لتطوير القدرات وتوفير المستلزمات عن طريق المباني المدرسية اللائقة والمختبرات وقاعات للفنون وصقل المواهب الشبابية، فضلاً عن عملية التسريع للموهوبين لصفوف ومراحل علمية بعد اختبارات ذهنية للقدرات والذكاء وبالتالي يُحفز على حرق المراحل والوصول للمبتغى والمرتجى، والمؤمل من النهضة العلمية المستقبلية الاقتصادية والتطور بعلوم الطب، والهندسة وصناعة العقول التي تمهد للطاقات بالاستثمار الأمثل بالصناعة.. الزراعة.. التجارة.
فالاقتصاد وتطور آفاقه ينتج لنا القضاء على – البطالة - نجاح الأداء الاقتصادي يطرد أكل مفسدة.. صناعة العقول تعني تنمية القدرات بحسب الاختصاصات، وتوفر القدرات المستقبلية للاكتفاء الاقتصادي وضبط معايير التنمية المُستدامة التي تتفوق على الأزمات والأهوال التي تواجه الشعوب التي لا تخطط لمستقبلها بشكل حسن بسبب فشل الحكام أو وجود الأزمات المُعرقلة الكابحة للطاقات.
فالسياق الحضاري المقبل ونحن نراوح بأزمات تترى تتباعاً يجعلنا نقبع بواقع لا نحسد عليه، لذا يتوجب التأسيس العلمي الحضاري وفق حاجة البلاد للوظائف المتنوعة، للاستثمار الصحيح وفق حاجة البلاد بالاختصاصات التي تنمي ثروة البلاد الزراعية والاقتصادية لتنويع الإنتاج الذي يصب بتنوع العائدات، لا أنْ نعتمد على ريع النفط باقتصادنا الأحادي الجانب، بالطبع التخطيط السليم كفيلٌ بحل كل المعضلات التي تواجهنا بالعراق والتي سببت بموجة الاحتجاجات والتظاهرات السلمية الشرعية، التي تناشد من الحكومة وضع الخطط الاقتصادية وفق اشتراطات علمية لا ترقيعية لا تغني ولا تسمن من جوع ولا توفر للمستقبل الأساس لتنمية تنقل الواقع من حال لحال.. أمام الحكومة المؤقتة بعام ٢٠٢٠ العمل الدؤوب والشاق لبناء البلاد وفق عصر ثورة المعلومات التكنولوجية والمستقبلية التي تعدو كالغزال، بينما بعض العقول تسير برؤاها وخطواتها كسير السلحفاة.
بالطبع كان العراق بالسبعينييات من أهم الدول الشرق أوسطية بالتحولات العلميّة والتربويّة من خلال جودة التعليم والمُخرجات وتقديم مئات الكفاءات الطبيّة والهندسيّة والتربويّة.. محط اهتمام لكل العرب في استيعابهم بالمشافي والمدارس غاصت بهم الجزائر، وليبيا والخليج وحققت قفزات تنموية من خلال جدية وإخلاص القدرات العراقية بالعمل وتوظيف تلك الكفاءات لنبوغبها بتطوير المؤسسات المختلفة في مناطق أبعد حتى في مشافي بريطانيا وأوروبا.. فالعقل العراقي ديناميكي مرن قادر على تسلم الدرس العلمي إذا توفرت الشروط الملائمة، رغم قساوة الظروف العراقية من النظام الفاشستي ثم التوجهات الثيوقراطية بعد ذلك لكن الشباب العراقي يسمو على جراحه، وظروفه للكسب العلمي والتفوق على أقرانه بمعظم الجامعات العريقة عربياً وعالمياً، أمامنا أشواط بعمل جاد بوزارة التربية والتعليم العالي للنهوض وترك الأساليب البيروقراطية المُعرقلة للنمو الحضاري والثقافي، فالتأسيس الصحيح من رياض الأطفال إلى المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعية يسير بنسق الارتقاء المعلوماتي وفق مساحات التطورات المعاصرة بعصر المعلوماتية، والثورة العلميّة بالعالم المتطور، فالمعلم هو الركيزة للتطور العلمي بكل المراحل بعصر المعلوماتية.
المدرسون عندما يؤدون عملاً ممتازاً ويعدُّون مواد رائعة، فإنَّ العشرات القليلة من طلابهم هم وحدهم الذين يفيدون منها كل عام. إن شبكة الانترنت سوف تمكن المدرسين من التشارك في الدروس والمواد، بحيث يمكن للممارسات التعليمية الأفضل أن تنتشر، لتفادي التخلف بالتعليم، ولغرض النهوض العلميّ بالعراق يتوجب رسم مسارات تتواءم مع الإمكانيات، واستثمار الطاقات، فالاستعدادات موجودة بالذات العراقية لإثبات التفوق على كل الصعوبات باشتراطات النية الصادقة لتطور التعليم بعصر المعلوماتية، كما أكدت المرجعية بخطبتها الأخيرة "لا ضرورة لغلق المدارس.. توقف العلم توقف الحياة ونحن بأمس الحاجة للعلم"، صناعة العقول الداعم الرئيس للاقتصاد الوطني ليرى كل مواطن مستقبلاً أنَّ السلع المستخدمة لديه صنع بالعراق.