التأمين ودوره الاقتصادي

اقتصادية 2020/01/10
...

ثامر الهيمص
 
مضت 2019 وقد نجحت وزارتا الصناعة والزراعة بتحقيق اكتفاء ذاتي من محصول الحنطة وبعض المحاصيل التي تدخل في البطاقة التموينيَّة كالذرة البيضاء والصفراء والماش والطماطم التي كنا نستوردها حتى 2018، فيما وفرت وزارة الصناعة والمعادن 270 منتجاً و360 مستحضراً بجودة عالية بنسبة تأمين (25 الى 100) بالمئة.
ولكنْ لم نلحظ أي تقدم في مجال قطاع التأمين الوطني، أسوة بالزراعة والصناعة، لا سيما أنَّ تحديات التأمين غير العراقي تبلغ سنوياً ملياري دولار، رغم عراقة صناعة التأمين التي مضى عليها أكثر من ستين عاماً وتراكمت خبرات بكل أنواع التأمين، في ثلاث شركات عامة للتأمين بما فيها شركة إعادة التأمين، فضلاً عن أكثر من 30 شركة تأمين تابعة للقطاع الخاص.
وكانت الشركات الحكوميَّة تمارس التأمين بأنواعه وأهمها البحري الذي ندفع عنه الآن نحو ملياري دولار لشركات التأمين الأجنبيَّة، وكذا لبقيَّة أنواع التأمين الأخرى، فالغياب الملحوظ لأغلب أنواع التأمين الوطني ظاهرة ملفتة خصوصاً برائدها القطاع العام.
المسألة لم تكن عمليَّة تثقيف غائبة رغم أنها حاجة أساسية والعمل بدونها لا يساعد في ازدهار الاقتصاد الكلي الذي يصبح من دون تأمين غير متكامل، إذنْ هناك موقفٌ من التأمين يستبطن العقود التجاريَّة، كما أنَّ الجهات ذات العلاقة لا يعنيها الأمر مثلاً عن التأمين الإلزامي في السيارات أو التأمين الشامل الذي تركته الدوائر ذات العلاقه للأعراف العشائريَّة وتبعاتها المعروفة.
أما التأمين الصحي للعمال والموظفين على الحياة الذي يتماهى مع التقاعد بالنسبة للورثة ويحميهم فهو منتشرٌ على نطاقٍ محدود لكون العديد من الدوائر لم تدع شركات التأمين للتأمين على حياة موظفيها.
نحتاج ثقافة ولكن ليس من دون قوانين واضحة، فالجانب الصحي بات مكلفاً وثقيلاً على الموظف والكاسب والمتقاعد، ويشكل رقماً صعباً في ميزانيَّة المتقاعد، فلو استقطعنا مبلغاً بين الـ3 آلاف الى 15 ألف دينار من رواتب أكثر من ثلاثة ملايين متقاعد للتأمين الصحي لتجمع مبلغٌ يمكن أنْ يكون صندوقاً يواكب صندوق التقاعد.
هذه البيئة التي يتوجب توفيرها لكي ينعكس التأمين إيجاباً ويدخل في دورتنا الاقتصاديَّة الداخليَّة منشطاً عموماً، بعد انتزاعه من هيمنة تصدير النفط أولاً، لا سيما أنَّ التأمين بتماسٍ مباشر مع المنظومة الماليَّة، ولا ننسى أنَّ نفطنا وغازنا يتزايدان مع السنوات ويشكلان عمودنا الفقري اقتصادياً ومالياً وتنموياً.