أزمات

آراء 2020/01/11
...

ابراهيم سبتي
 
كل مواطن يتمنى أن يكون بلده من أحسن البلدان، ويتمنى مخلصا أن يكون مؤثرا وعاملا حريصا في الدفع به الى الفضاء الرحيب. وهذا التمني هو بمثابة مساهمة لواجبات مطلوبة منه فعلا.. واعتقد ان كل ازمة تعصف بالبلاد، ستؤثر سلبا على الحياة العامة وربما ستلقي بافرازاتها على مخططات النمو المرسومة في ستراتيجيات العمل والتطور المنشود. لكن تأثير الازمات سينعكس سلبا مهما كانت السدود الموضوعة كمانع لها. في عقود عشناها، ثمة عُقد وازمات ظلت تعيش معنا كظلالنا وصارت جزءا من تفاصيل حياتنا اليومية، وأورد مثالين من
هذه الازمات. 
فمنذ عقود خلت، والازمات تلاحق العراق وكأنها وجدت لتعيش على ارضه. فصارت الحديث عن ازمة لا يثير السامع لانه تعود عليها وصارت جزءا من حياته. منذ الثمانينيات بدأ عصر الحروب والازمات المتوالية كسيل هادر من فيضان لا يتوقف. وهو ما ادى الى تدهور قطاعات ومفاصل حياتية كثيرة، وسجل تراجعا تراجيديا في الثقة مع اصحاب القرار انذاك لانهم يفكرون بالحروب والمآسي التي صارت عنوانا لحقبة مضت وتوارت. وفي نظرة متفحصة وثاقبة للوضع الصعب، نجد ان ثمة نحسا يلاحق البلد الذي ينبهر به ويرفع قبعته ويحسده كل من يسمع به. فبدأت ازمات سياسية واجتماعية تضرب صميم حياة المواطن فرأى العوز في بلد الثروات وتجرع مرارة العيش منذ الثمانينيات وكأنها صممت لتمنح بؤسها ومآسيها وبغضها فاعطته الهوان وفقدان الامل والياس، ولم تمنحه حياة الدعة والرفاه التي ظلت امنية بعيدة المنال وحلما لم ير النور في بلد اهدرت ثرواته بين الحروب والفساد.
 فمرحلة البناء وتحقيق الامل ذابت وتلاشت منذ ساحت اعمارنا في حروب العبث والبطولات الزائفة التي ضيعت اعمارنا وامتصت شبابنا ولم نعد نشعر بامان وانتابنا القلق والوجع. فكانت الحروب والحصارات تعطينا المرارة وتذيقنا طعم الحرمان والخسارات البغيضة، فظل المواطن يبحث عن متنفس عله يجد راحته وَسعادته المفقودة فسجل منسوب الحياة انخفاضا كردة فعل على الضيم والحرمان وانسداد فسحة الامل. واول المثالين اللذين نوهت عنهما هو رداءة الطرق والشوارع عامة فلا امل في اعادة تصميمها او الشروع بتغييرها في ظل زحمة المركبات الخاصة وغيرها التي باتت اعدادها تصل الى ارقام فلكية. فلم تعد الشوارع تناسبها او تستوعبها، فيزداد جحيم الزحام المتعب والمقلق فتهشمت الطرق وتخربت لانها ظلت دَون ترميم او اصلاح او مبادرة او خدمات. ولم يفكر اي صانع قرار بحل المشكلة التي تفاقمت وصارت احدى الازمات التي رافقتنا وستبقى تناشد وتصرخ بالحل. وبالمقارنة مع دول مجاورة، سنجد ان طرقنا من اسوأ الطرق ولا تشبه اية تصاميم لطرق تلك الدول مع انها اكبر مساحة من العراق وهو ما يعكس عدم التخطيط باستيراد هذه الاعداد الهائلة من المركبات وانزالها في شوارع قديمة
 التصميم.
والمثال الثاني هو الازمة الاخرى المستعصية التي تكدر حياة العراقيين منذ عقود هي ازمة الكهرباء التي لازمتنا منذ التسعينيات وحتى اليوم رغم ما انفق عليها من مبالغ طائلة بامكانها ان تبني مدنا متكاملة داخل البلد فيها تفاصيل الحياة العصرية الكريمة. ولكن الانفاق الهائل لم يمنح المواطن الكهرباء لتضيء ظلمة يومه.  بل راح ينفق ما بحوزته لينير دربه بنفسه. ومما يعقد المشكلة ويزيدها استفهاما، فإن بعض الدول الاقل واردات من العراق انهت ازمة الكهرباء منذ وقت طويل. ان ارث الازمات ظل مناصبا لنا عوده الفارع
 دون مغادرة.
ان الادارة الحكيمة والرشيدة النابعة من صميم القلب النابض بارادة التغيير والتطور، كفيلة بأن تصنع المعجزات.