الاستقرار الأمني.. ضرورة ملحة لديمومة اقتصاد المنطقة

اقتصادية 2020/01/11
...

بغداد/ حسين فالح 
 
يرى خبراء ومختصون في الشأن الاقتصادي، ضرورة تحقيق الاستقرار الامني في المنطقة لضمان ديمومة واستقرار اقتصاديات دول المنطقة ومن ضمنها العراق، لافتين الى ان التنميَّة الاقتصاديَّة تحتاج الى بيئة مستقرة امنية، حذروا من قلة الامدادات النفطية في الاسواق العالمية في حال استمرار التصعيد في المنطقة، لاسيما بين الولايات المتحدة الاميركية والجمهورية الاسلامية الايرانية.
ويقول الخبير الاقتصادي سالم البياتي في تصريح خاص لـ"الصباح": ان "هناك علاقة ارتباطيَّة بين برامج التنميَّة الاقتصاديَّة وبين الواقع الامني، ولا يمكن ان تتحقق أي تنمية اقتصادية او ناتج قومي بدون ان يكون هناك امن، حيث ان الامن يشكل الشبكة الاساسية التي تتحرك على ضوئه المؤسسات الاقتصادية سواء كانت مصانع او تجارة او اسواق مال ومن هذا المنطلق فان العلاقة بين بناء الاقتصاد والاستقرار الامني علاقة منطقية ".
 
بيئة مستقرة
اضاف ان "جميع الدول عندما تريد أن تبني اقتصادها تسعى في البدء الى تحقيق استقرار امني، لان الامن بطبيعته يعني الثقة أي خلق بيئة مستقرة، لانها تسمح برؤوس الاموال ان تستثمر سواء كان الاستثمار المحلي او الاجنبي، وكذلك تسمح للمخطط الاقتصادي ان يعمل ليس على اساس يوم بيوم وانما على اساس تخطيط ستراتيجي، لان بعض من منظومة الاقتصاد تحتاج الى خطط لاكثر من سنتين او ثلاثة فاذا لم يكن امامه بيئة امنية مستقرة لا يستطيع ان يخطط ". 
وتابع "في حال كان التخطيط على حالات متقطعة سيجد المخطط الاقتصادي ان الكلف والنفقات عالية وبالتالي سترتفع المخاطر المحتملة"، لافتا الى ان استقرار المنطقة سواء في العراق او الاقليمية تاهم في عملية التبادل والعلاقات الاقتصادية.
واوضح ان "الاقتصاد القوي الذي تستطيع الدول ان تبادله الثقة لابد من ان يكون له قاعدة صناعية وزراعية وقاعدة منتجة ويملك رؤوس اموال داخلية ويستطيع ان يحقق ما يسمى بالامن الغذائي والاكتفاء الذاتي".
 
الامدادات النفطية
من جهته، حذر الخبير في الشؤون النفطية حمزة الجواهري، من قلة الامدادات النفطية وارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية في حال نشوب حرب في منطقة الخليج لاسيما بين الولايات المتحدة وايران، الا ان ذلك يستبعد في الوقت الراهن لان ليس من مصلحة طهران وواشنطن نشوب حرب في منطقة الخليج لاسيما قرب مضيق هرمز.
وقال الجواهري في تصريح خاص لـ"الصباح": ان "اسعار النفط تتحكم بها سياسات الدول العظمى لاسيما اميركا، بالتالي مهما تفاقمت الاوضاع نحو الاسوأ او انها تشهد انفراجا الا ان اثرها يذوب بالتدخل السياسي، على اعتبار ان واشنطن تمتلك خزينا ستراتيجيا من النفط الخام والمشتقات يفوق المليار برميل، فعندما تقل الامدادات تطلق كميات اضافية لكي تكبح الاسعار وكذلك العكس".
واضاف ان "اسعار النفط حاليا مستقرة على الرغم من التصعيد الموجود بالمنطقة حيث تتراوح بين 65 الى 70 دولارا للبرميل، لافتا الى ان الولايات المتحدة ترى مصلحتها في الموضوع عندما ترى ان هناك مصلحة في ارتفاع اسعار النفط تقوم بشراء كميات كبيرة منه او تخفيضه من خلال ضخ كميات كبيرة".
 
الشركات الاجنبيَّة
وبشأن الشركات العاملة في العراق قال الجواهري: ان "انتاج وتصدير النفط العراقي لن يتاثر في حال مغادرة الشركات الاجنبية العاملة في الحقول النفطية لان لدى العراق نحو 70 الى 95 بالمئة من العاملين بالحقول النفطية هم عراقيون، فضلا عن ان السنوات العشر الاخيرة من خلال دمج العراقيين بالعمل مع الاجانب وتم تأهيلهم، اضافة الى الدورات التدريبية التي اخذوها وكذلك اطلاعهم على انظمة العمل الجديدة بمعنى ان الكوادر المحلية جيدة جدا وباستطاعتها ان تدير الحقول النفطية، لان في الفترة السابقة خرجت شركة شل ولم يتأثر الانتاج العراقي وكذلك خرجت اكسون موبيل لثلاث مرات ولم تتأثر الحقول النفطية". هذا وتزداد المخاوف عبر العالم من مواجهات عسكرية خطيرة ودوامة عنف جديدة بعد استشهاد نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي القائد ابو مهدي المهندس و قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني. 
التجارة العالميَّة
وقد وصل صدى القلق بسرعة إلى وول ستريت والأسواق العالمية الأخرى التي تراجعت البورصات فيها خوفا من ارتفاع أسعار الطاقة ومعها تكاليف الإنتاج والنقل ما يعني تراجع التجارة العالمية. 
كما تراجعت عوائد السندات الأميركية والأوروبية واليابانية وهربت مليارات الدولارات إلى ملاذات آمنة كالذهب والقيم الثمينة
 الأخرى. 
وفي العراق الذي أضحى من أهم الدول المصدرة للنفط بدأ عمال وخبراء النفط الأميركيين بمغادرة الأراضي العراقية بعدما دعت الخارجية الأميركية 3 يناير 2020 مواطنيها إلى مغادرة العراق بشكل فوري. ولا يقلل من التبعات السلبية لخطوة كهذه تأكيد السلطات العراقية على استمرار ضخ النفط بشكل اعتيادي واستمرار حركة الطيران في مطار بغداد الدولي.
كما أن التوترات ترفع تكاليف النقل والتأمين بشكل يترك آثارا سلبية على نمو الاقتصاد العالمي وخاصة على الصين والدول الصناعية الصاعدة التي تعتمد على استيراد النفط من الشرق الأوسط.
 وفي ألمانيا حذر خبراء في معاهد اقتصادية رئيسة من ضغوط إضافية على الاقتصاد والشركات الألمانية التي تعتمد على التصدير بشكل كبير. أما الاتحاد الأوروبي والصين وكندا ومصر والإمارات فدعت جميع أطراف النزاع إلى ضبط النفس ووقف التصعيد وحل الخلافات بالطرق
 الدبلوماسية.