ياسر المتولي
الخوض في موضوع هجرة الكفاءات الشابة مسألة حساسة جداً لكنها غاية في الأهمية لحاجة البلد لها في هذا الظرف وللدور الذي ينتظرهم مستقبلاً لإعادة بنائه، لذلك لا بدَّ من الوقوف عند الدوافع وراء هجرة الكفاءات الشابة.
كثيرة هي الأسباب وراء الهجرة كمفردة عامة فمنها سياسيَّة ومنها اجتماعيَّة وأخرى اقتصاديَّة، ولا مجال للخوض فيها رغم ترابطها مع بعضها لكنني سأختزل مقالي بالدافع الاقتصادي ضمن تخصص الصفحة الاقتصاديَّة.
ففرص التوظيف أو التشغيل أو البطالة سمها ما شئت هي الدافع لهجرة الكفاءات الشابة، إذ لا مستقبل لأي عمل خاص أو عام بتوفير فرص عمل لهم، وأقصد الوظائف في الدولة اوالقطاع الخاص، فالدولة تشكو من بطالة مقنعة والقطاع الخاص معطل كلياً والقطاعان العام والخاص عاجزان عن استيعاب هذه الظاهرة والأسباب معروفة.
ما الحل؟
الكفاءات الشابة وجدت الخلاص في الهجرة والتي تعرف بـ(الهروب من الواقع) بسبب اليأس، فتجدهم وأقصد هذه الكفاءات ينتشرون في أغلب دول العالم ويحتلون وظائف مختلفة منها وظائف مهمة ومنها أقل أهمية لكنها تسهمُ ببناء تلك الدول ويوصلون الليل بالنهار وعرفوا بالأداء السليم والتحمل.
ألا تعتقدون معي أنَّ هذه خسارة كبيرة؟
نتحدث هنا عن قراءتنا لمستقبل بناء العراق بعد أن تنجلي هذه الأزمة التي تمر بها البلاد فسيكون دورهم مهماً وواضحاً ومطلوباً.
إنَّ مشكلة البطالة المقيتة التي تعدُّ التحدي الأكبر الذي تواجهه أي حكومة قادمة ستتصدى للمسؤولية ويتعين وفقاً لهذه المعطيات العمل بجديَّة وبخطط محكمة وليست ترقيعيَّة تتمثل بتوفير الأرضيَّة السليمة لخلق الوظائف التي تصمم على وفق تصنيف إمكانات وتخصصات الشباب وحاجة البلد لنوع وحجم تلك الوظائف.
وبالتأكيد فإنَّ الأمر يتطلب تفعيل وتنشيط القطاعات الاقتصادية الإنتاجيَّة والخدميَّة وتوزيعها بين القطاعين العام والخاص وتحميل القطاع الخاص الجزء الأكبر في استيعاب هذه الكفاءات.
وهذا البرنامج الستراتيجي الطموح يتطلب الانتباه الى أهمية خلق وسائل جذب للكفاءات بامتيازات عديدة كتوفير السكن اللائق والنقل المريح بغية استدراجها للاستفادة من خبراتها في إعادة بناء الوطن أولاً، وكذلك الإسهام بتدريب الموارد البشريَّة ثانياً، ومتفقون تماماً أنَّ الفترات الطويلة على تخرج بعض الجامعيين بدون عمل، فضلاً عن انخفاض المستوى التعليمي للخريجين الجدد بحاجة الى إعادة تأهيل وتدريب لتوسيع القدرات وتقليل نسب انخفاض القدرات الفنيَّة التي تأخرت عن العالم.
أهم أركان ثورة البناء هو رأس المال البشري، ورعايته وتطويره عبر التدريب في مؤسسات ومراكز عالميَّة كفيلٌ بتحقيق التنمية المستدامة.