قراءة في تاريخ المقاهي القديمة

ثقافة شعبية 2020/01/12
...

عرض : لمياء نعمان
 
 
قرأنا للعديد من الباحثين والصحفيين والإعلاميين موضوعات و كتيبات عن مقاهي بغداد التراثية القديمة والتي شكلت بذرات لنشوء مجتمع طليعي نتجت عنه الآف من الرموز والشخصيات المهمة لتصدرلنا الكتب الأدبية والثقافية والسياسية والفنية لكن كتاب "تاريخ مقاهي بغداد القديمة" للباحث زين النقشبندي اعطى مساحة واسعة للتعريف عن تلك المقاهي واطلالتها وأماكنها واسمائها ، علما أنها بدأت بالظهور ايام العهد العثماني .
وتصدر الكتاب كلمة للباحث سالم الآلوسي يذكر أهمية تلك المقاهي التي كانت بلورة لتسميات مثل "المجلس "او "الديوان"لتعج بروادها في بداية الأمر بالعامة من الناس البسطاء  و لتظهر من بعدها تلك الشخصيات التي وضعت تسميات لثقافتنا الحاضرة من الأدب والشعر والثقافة الإنسانية  وحتى الغناء…وربطت - حسب كلمة الألوسي - بين مختلف طبقات الشعب لتجمعهم رابطة حب البلاد وخدمة العباد بعيدا عن سيطرة الحكومات المتعاقبة.
 
مجمع للعلماء والادباء 
الكتاب يقع في 333 صفحة طبع على نفقة وزارة الثقافة ضمن مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية 2013 ويتضمن فصولا للحديث عن أشهر المقاهي التراثية في بغداد حتى منتصف القرن العشرين وعمَّا يقدم فيها من حكايات وقصص وشاي وحامض وتسلية وطرب
وفي تمهيد النقشبندي أشار إلى أقدم مقهى في بغداد ويعود لعام 1590 شيده جغالزاده سنان باشا ويعتبر اول خان ويقع جنوب المدرسة المستنصرية ليصبح مجمعا  للعلماء والأدباء والشخصيات المعروفة آنذاك ...ويذكر الباحث تتابع تشييد مقاهي آخرى ..وحسب البحث فقد بلغ عدد مقاهي بغداد عام 1882 إلى 184 مقهى وعام 1903 إلى 235 وعام 1934 إلى
 599 .
وكان في كل محلة من محلات بغداد توجد مقهى خاصة بأهلها وعادة ما تقدم النركيلة وفناجين القهوة والشاي والحامض إضافة إلى لعب الطاولي وفي رمضان تنتشر فيها لعبة
 المحيبس..
وعرفت المقاهي على انها ملاذ لمستمعي القصص الشعبية القديمة ...ولم تكن المقاهي لمجالس الادباء والشعراء بل للمطربين والموسيقيين لغرض العزف والطرب وقراءة المقام مثلما كان ينشد رشيد القندرجي ويوسف عمر
 وغيرهم.
 
 
مربد دائم
وفي صفحات الكتاب يشرح الباحث أسماء المقاهي  وأماكنها أضافة لنشر لوحات جميلة عنها للفنانين فائق حسن وجواد سليم .
كما أورد في بحثه اهم المقاهي المشهورة في جانبي الرصافة والكرخ
وعن أشهرها والتي تقع جانب الرصافة ليصل عددها الـى  92 مقهى  ومنها مقهى ابراهيم العزاوي ،و سباتي ،وابراهيم عرب ، والاورفلية ،و البرازيلي الاوبرا  ،والبرلمان  ،ومقهى الزهاوي والتي تعتبر المربد الدائم في بغداد وتأسست عام 1899 وكان يحضر فيها معروف الرصافي إلى جانب الشاعر الزهاوي وغيرهم ليلقون باشعارهم امام
 الحاضرين .
ويذكر النقشبندي مقهى تسمى (الواق واق) تقع في الاعظمية وتأسست العام 1946 لتكون ملتقى للفنانين أمثال جواد سليم ونزار سليم اخوه وبلند الحيدري وحسين ميدان وفؤاد التكرلي والعديد من المثقفين
 والفنانين .
اما عن مقاهي الكرخ فقد وصل عددها الى 54 مقهى منها  مقهى ناصر حكيم والتي كانت بشراكة حضيري ابو عزيز وتقع في العلاوي ..وعلى ما يبدو ان المقهى ضاقت بهما فاستقل حضيري ابو عزيز بمقهى آخر و بالمنطقة
 نفسها .. 
وهناك اعداد كبيرة من المقاهي تقع في محلات عديدة من جانب الكرخ بينها مقهى البساتين ،وميخا ،والكنجي ،وابراهيم العبس،و ابو عصفور والفلاحات ،و مقهى الشعراء الشعبيين ،وغزيلة  ،ومقهى البيروتي التي تقع على نهر دجلة وكانت مثل متنزه صيفي شيد عام
 1965 ..
خصص الباحث دراسة بسيطة عن بعض المقاهي ارتبطت شخصياتها بالمقاهي والتي لها حضور جماهيري مثل مقهى الشاه بندر لصاحبها محمد الخشالي المولود عام 1932 في محلة الحيدر خانة  وتعرضت المقهى إلى انفجار إرهابي راح ضحيتها 5 من أبناء الخشالي وعدد من المواطنين..لكن الحكومة قامت باعمار المكان إضافة لشارع المتنبي ....وذكر الباحث أسماء مثل مقهى ابراهيم عرب ..والحاج خليل إبراهيم القهوجي
 شفتالو.
 
اثراء  
الكتاب هو مثل بحث سلط الضوء عن أهمية تلك المقاهي وأثرائها لعقول الناس حينذاك واعتبرت مدارات ومتغيرات حياتية أرادت النهوض بالثقافة العراقية  عن طريق النقاش و طرح الأفكار المستنيرة  من الإيدلوحيات  في الفكر والفلسفة والثقافة ومشاريع تم معرفتها لتولد معها مجاميع كبيرة من نتاجات شخوصنا الثقافية والادبية والإنسانية عن طريق الكتب التي صدرت عنهم طوال سنين وما زالت ...وكلها أغنت عقولنا وجعلت بعضنا مبدعا ومفكرا ومطربا
 وسياسيا .