بغداد/ مآب عامر
أقام الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق محاضرة للباحث علي شبيب الورد بعنوان «الناصريّة.. الاحتجاج وذاكرة القصيدة» في قاعة الجواهري، وبحضور العديد من الأدباء والمثقفين
أفتتحت الجلسة التي أدارها الدكتور سعد عزيز عبد الصاحب بإلقائه قصيدة للشاعر الكبير مظفر النواب، بعد ذلك أثنى بدور المحاضر علي شبيب ووصفه بابن مدينة عاصرت كل أشكال الحداثة.
وتناول الدكتور سيرة الباحث الذاتية، «وهو من مواليد الناصرية عام 1952، حاصل على بكالوريوس فنون مسرحية بغداد عام 1976، امتهن التدريس في معهد الفنون الجميلة بمحافظة ذي قار، وترأس اتحاد الأدباء في ذي قار، وعمل من ضمن هيئة تحرير مجلة الأديب الصادرة عن الاتحاد العام للأدباء والكتاب، ومن اصداراته: ناطحات الخراب، جلسة القراءة الأولى مقتربات في تقنيات الشعر، دراسات نقدية عن الأدب الكردي، أور الحكي، وغير ذلك.
وتحدث شبيب خلال المحاضرة عن كتابيه «دموع أور، أور الحكي» وذاكرة مدينة الناصرية وأول شاعر منذ عام 1805، كما وتناول في منجزه مدخلين مهمين وهما شعرية الجسد وشعرية المكان، وفي هذا الخصوص أشار إلى أن أسباب اختياره للمكان بوصفه يلعب دوراً مهماً في انتاج الفسحة الجمالية بين المنتج إلى الشاعر والمتلقي القارئ، المكان هو منتج أسطوري كونه أوجد أن هؤلاء الشعراء تمكنوا من محاورة السومريين ابطالاً، وكذلك من مختلف شرائح المجتمع.
وفي سرد مضامين كتابه، يقول الشبيب إنّ «الكتابين يضمان نصوصا تتعلق بالموروث السومري، فضلا عن قصائد ونصوص ملحمية وأسطورية».
ويعد شبيب «الجسد هو مصدر للإبداع والكرم وهو مدعاة إلى القراءة، واستطاع الفلاسفة عبر العصور محاورة الجسد واستكانة كل ما يتعلق به، وكل ما يخرج منه كالفكر والسلوك والعلاقات الاجتماعية، كان البحث منذ أفلاطون وإلى الآن كل شيء عن الجسد».
ويعترف شبيب قائلاً: «أدهشتني كثيراً محاولات «نتشه» في قلب الموازين في علاقاته مع الجسد، واعتباره أن الجسد هو عقل كبير، وفي هذا المنطلق تمكن من التعرف على هذا الجسد وعلاقة الشعر بوصفه منجزا ابداعيا يتحدث عن الإنسان في
مختلف العصور».
كما وناقش شبيب في بحثه طروحات (ميشيل فوكو) عن المعرفة والسلطة في كتاب (ارادة المعرفة)، وعلى الاخص علاقة الشاعر والسلطة، وبيَّنَ هذا الطرح وجود تواطؤ بين المعرفة والسلطة، والأخيرة تحاول استغلال المعرفة في مراميها للاستمرار في هذا التوجه السلطوي وهذا المثلث المعروف السياسة الدين والجنس، هو ما يؤرق المثقف والمبدع.
ويتطرّق رئيس الاتحاد الباحث ناجح المعموري في تعقيبه إلى الأسباب والعناصر ذات العمق التاريخي التي جعلت من الناصرية مكانا أنتج أفرادا وجماعات مغايرة ومختلفة عن الأماكن الأخرى، فالجنوب مكان واسع أسهم في انتاج حضارات، وليست واحدة، لأن كل مكان له خصائصه وذهب باتجاه الجسد والمكان وعلاقة المكان والجسد.
وتحدث أيضا عن الأمثلة التي تنتج الكائنات والأجساد، لهذا ذهب علم الاجتماع إلى قراءة الأماكن أولاً، بوصفها معلما ثقافيا ودينيا بسبب الوظائف التي تنهض بها هذه الأماكن وتفعل حضور الجسد، كما تحدث علي شبيب عن فعالية الجسد والسياسة.
ويلاحظ المعموري عدم ذكر شبيب شق أنّ الجسد له وظائف في المكان، ولهذا ادامة العلاقة الثنائية بين الرجال والمرأة بمعنى أن الأمكنة تنتهي وتموت، وهذا جانب درس في الفلسفة، حسب قوله.
كما ونبّه المعموري إلى أن المحاضرة قد تخطت العديد من الأصول الفلسفية المبكرة التي سبقت (ميشيل فوكو) وذهبت إلى ثالوث المجتمع المثقف السلطة.
ويتابع رئيس الاتحاد قائلاً: «إنّ علم الاجتماع ركز على المثقف بوصفه نتاج الحياة العامة، أما السلطة فتأتي لاحقاً، لأن الجماعات هي التي تعطي للمكان قيمة جديدة من خلال وجود مثقف فاعل ونوعي وهناك من الأسماء المهمة التي عملت على هذا». أما الدكتور احمد الزبيدي فقد عرجه عبر مداخلته على الشعر العربي بصورة عامة وقال: أنّ القضية الأساسية هي في أن هناك تنسيقا مشتركا في الشعر العربي منذ ولادته إذا أخذنا بميلاده، فالجاحظ الذي حدده إلى الآن لم يغادر التعريف المطلق له الذي اتخذه أبو عمر بن العلاء في «الشعر ديوان العرب وسجل مآثره» ورغم التحولات من الشعر العمودي إلى الحداثة والتفعيلة إلى النثر، مازال شعر تسجيلي يسجل الواقع، ولكن ما مدى اسهام الشعر في تغيير الواقع؟ بمعنى أن القصيدة تأتي بعد الشيء
وليس قبله.