صادق كاظم
تشن القوات المشتركة بين فترة وأخرى عمليات استباقية تغطي جغرافيا مساحات واسعة من مختلف المناطق الغربية والشمالية الغربية من البلاد. والهدف من هذه العمليات تجنب تكرار ما حصل في حزيران من العام 2014 عندما تركت خلايا داعش تصول وتجول في مختلف مناطق البلاد وتقوم بعملياتها نهارا وامام مرأى القوات الامنية، بل أخذت تسيطر على العديد من المناطق فعلا قبل ان تقوم باجتياحها في ذلك اليوم المؤسف والمؤلم.
من الواضح ومن خلال خط سير العمليات فإنّ هناك محاولات للتجمع وتكوين معسكرات لايواء عناصر داعش الارهابية من اجل شن عمليات ارهابية سواء ضد المواطنين والقوات الامنية مستفيدة من حالة عدم الاستقرار التي تمر بها البلاد منذ اكتوبر الماضي، فضلا عن استقالة الحكومة وهو امر تحاول قيادة العمليات المشتركة تجنب حدوثه باعتبار ان اي استرخاء امني سيسمح بوقوع عمليات خرق قد تؤدي الى حدوث خسائر لا نتمنى ان تقع داخل المدن والمناطق المختلفة.
الاجهزة الامنية العراقية باتت تملك خبرات كبيرة تعد الارفع في العالم في مجال مكافحة عصابات داعش، وهذا التعامل مع هذه العصابات تسنده مجموعة محترفة ومتطورة من خلايا استخبارية نجحت في الواقع في اختراق صفوف تلك التنظيمات وتفكيك الخلايا النائمة ومنعها من التمركز وشن الهجمات، خصوصا وان تنظيم داعش يحاول العودة وبقوة الى المناطق التي خرج منها من خلال اعادة الاتصال بالعناصر المختبئة في تلك المناطق، وتشكيل خلايا سرية جديدة فيها والقيام بنفس اساليب عمله السري فيها كالاغتيالات وجمع الاتاوات والتهديدات والاختطاف والسرقة
وغيرها.
هناك تقديرات استخبارية تشير الى وجود تجمعات لبقايا عناصر ارهابية وهي تخطط لشن عمليات متفرقة هنا وهناك من اجل ارباك الوضع الامني وتشتيت الجهود لمطاردة وملاحقة تلك العناصر ومن اجل اضعاف المعنويات وتهديد المواطنين الامنين، وهو اسلوب تدرك القيادات والاجهزة الامنية مدى خطورته وتعمل على مكافحة تلك الخلايا باستمرار من خلال اعمال المراقبة والملاحقة ورصد حركة تلك العناصر بين مختلف المناطق وكشفها ومعالجتها اما عن طريق سلاح الجو او من خلال الاقتحام والاشتباك المباشر مع تلك العناصر الاجرامية.
إنّ المعركة وان حسمت ميدانيا لصالح قواتنا الامنية مع اكتمال تطهير اخر بقعة من ترابنا الوطني، لكنها تبقى معركة مفتوحة مع اخطر تنظيم ارهابي سري تجيد عناصره اساليب الاختباء والتنقل في اصعب الاماكن واكثرها صعوبة ووعورة والبقاء فيها مدة طويلة مما يجعل من كشفها امرا صعبا ويحتاج الى خبرة امنية كبيرة وبمستوى خبرة تلك الزمر الارهابية، وهو ما يفسر تواصل عمليات ارادات النصر وبعدة صفحات من اجل كشف مخابئ داعش الارهابي وزمره وعناصره الاجرامية والاطاحة بها في تلك العمليات، خصوصا وان العراق يحتفظ بسجل النصر الاكبر على تلك العصابات ملحقا بها خسائر جسيمة بلغت مصرع اكثر من 30 الف ارهابي من مختلف الجنسيات، إذ تمت ابادتهم على ارض العراق في معارك ملحمية تبقى مطرزة بالعز في جرف النصر والفلوجة والرمادي وتكريت وبيجي والموصل والحويجة وتلعفر وغيرها من المناطق المحررة.
إنّ عمليات الملاحقة والمطاردة المستمرة في مناطق صحراوية شاسعة، فضلا عن الوديان والكهوف والمناطق شبه الجبلية تحتاج بالتأكيد الى قوات مدربة وبشكل خاص على مثل هذا النوع من العمليات والى عدد كبير من طائرات المراقبة والاستطلاع، فضلا عن طائرات المساندة الجوية التي تقوم بقصف الاهداف الصعبة وتدميرها وهذه الامور اللوجيستية من الواضح انها متوفرة في تنفيذ صفحات المطاردة والملاحقة وهي تمثل جهدا كبيرا في تدمير خلايا داعش المختبئة في تلك الاودية
والكهوف.
تغيير الخطط العملياتية وتكييفها بما يتلاءم مع معطيات الواقع الميداني امر يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار في تنفيذ صفحات ارادات النصر من خلال التنويع بين استخدام قوات المشاة الراجلة والقوات المحمولة جوا والاطباق على المناطق المستهدفة بتلك العمليات، وكما حصل مؤخرا في احدى الجزر في منطقة صحراء الحضر في الموصل عندما تم اكتشاف وكر يختبئ فيه اكثر من 30 عنصرا ارهابيا تمت محاصرتهم في داخل مستنقعات تلك المنطقة ومن ثمّ تمت مهاجمتهم بالطائرات ليتم ابادتهم جميعا في
داخلها.
تكثيف عمليات الملاحقة والمطاردة ضمن جداول ومناهج زمنية تعتمد على المعلومات الاستخبارية الميدانية اسلوب من المفروض ان تحافظ القوات الامنية وقيادات الدولة المعنية بمكافحة الارهاب على استمراريته، خصوصا وان عصابات داعش الاجرامية تحاول وبكل قوة اعادة نفوذها وانتشارها في مختلف المناطق واستعادة حلم الخلافة الذي تهاوى على ايدي العراقيين يوم تهاوت رايات داعش وانهزمت في معارك الموصل والحويجة وتكريت وجرف النصر في عمليات قتالية بطولية كانت وستبقى طرازا رفيعا من معارك مكافحة الارهاب والحاق الهزيمة بعصابات داعش الاجرامية.