كارثة بيئية غير مسبوقة في أستراليا

بانوراما 2020/01/18
...

آدم مورتون
ترجمة: خالد قاسم
أسهم انخفاض هطول الأمطار بفرض حالة طوارئ على مستوى قارة أستراليا وإحراق أكثر من خمسة ملايين هكتار، ما أثار خوف العلماء والأطباء ورجال الأطفاء. توفي تسعة أشخاص جراء الحرائق حتى كتابة هذا التحقيق، وكانت منطقة بالمورال بولاية نيو ساوث ويلز آخر مكان يواجه النيران إذ دمّر نحو ألف منزل، وهدم ثلث حقل عنب وعشرات المنازل بمنطقة أديلايد هيلز. ومن المبكر جدا اجراء فحص شامل عن تأثير الحرائق في الحياة البرية ومنها الكائنات الكثيرة المهددة في مسار الحريق.
هل تستحق هذه الموجة من الحرائق وصفها بغير المسبوقة؟ يجيب الخبراء بنعم، لكن ليس جميع السياسيين وكتّاب الأعمدة الصحفية مقتنعين بذلك.
وطمأن نائب رئيس الوزراء مايكل ماكورماك شعبه قائلا: "شهدنا مثل هذا الضباب الدخاني من قبل، وشهدنا حرائق غابات من قبل." واعترف رئيس الوزراء سكوت موريسون بعد عودته من هاواي بشدة الحرائق، لكنه تبنى أيضا موقفا مشابها وهو اعتياد بلاده على الحرائق.
هذا صحيح، لكن السؤال المهم هو اذا كانت تلك الحرائق بهذه الشدة؟ تجيب دائرة الإطفاء بولاية نيو ساوث ويلز أن الحرائق الحالية غير مسبوقة، وذكرت أن حجم ما احترق فيها بلغ نحو ثلاثة ملايين ونصف مليون هكتار "لغرض المقارنة، في السنوات القليلة السابقة شهدنا ما مجموعة منطقة محروقة لموسم كامل بحدود 280 ألف هكتار."
احترقت منطقة أكبر من هذه بقليل سنة 1974 لكن تلك الحرائق وقعت بطبيعة مختلفة كليا، ونتجت عن هطول أمطار فوق المعدل وأحرقت مراعي نائية بأقصى غرب الولاية. أما حرائق 2019 فوقعت بأقصى الشرق حيث يسكن الناس وأشعلها مخزون كبير من الوقود الجاف بعد الجفاف القياسي الذي ضرب البلاد. وهبطت رطوبة التربة الى أدنى مستوياتها ببعض المناطق، وكان هطول الأمطار خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2019 الأقل على النجود الشمالية وجنوب كوينزلاند.
 
رأي العلماء
يقول ديفيد بومان مدير مركز الحرائق بجامعة تاسمانيا : إن النقطة الأكثر اثارة بشأن موسم الحرائق الحالي هي الطبيعة القارية للتهديد، "المدى الجغرافي وحقيقة حدوث كل ذلك مرة واحدة هو ما يجعله غير مسبوق". ويضيف بومان ان إحدى القضايا الأقل استكشافا هي التأثير الاقتصادي للحرائق الطويلة التي أضرت بالكثير من الأستراليين، "لا يمكنك ادارة اقتصاد بشكل مناسب عندما يتأثر من ثلث الى نصف السكان بالدخان، ووسائل الاعلام مركزة بصورة كاملة على الحرائق."
من جهته، يشير روس برادستوك من مركز ادارة الخطر البيئي لحرائق الغابات في جامعة وولونغونغ الى حريق جبل غوسبرز والذي بدأ ببرق ضرب شمال غرب سيدني في نهاية تشرين الأول وأحرق نحو 500 ألف هكتار، كدليل على اختلاف الموسم الحالي عن كل ما حدث سابقا.
يترافق هذا الحريق مع حرائق أخرى على الساحل المركزي لنيو ساوث ويلز ويخلق نيرانا ضخمة، لكن روس يؤكد أن أكبر نقطة اشتعال لحريق غابات قد سجلت في أستراليا وربما في العالم. ويضيف أنها أكبر من أي حريق في كاليفورنيا وساحل أوروبا على البحر المتوسط.
شهدت بعض مناطق الحرائق الحالية كوارث مشابهة من قبل، لكن وقعت خسارة غابات مطيرة وغابات أوكالبتوس رطبة ومستنقعات جافة وحقول موز هذا الموسم أيضا.
تسبب الضرر بغابات غوندوانا المطيرة في 40 محمية بين بريزبن ونيوكاسل بإثارة قلق مركز الإرث العالمي لليونسكو، وتشمل المحميات أكبر مناطق الغابات شبه الاستوائية على سطح الأرض، وبعض الغابات المطيرة الدافئة وتقريبا كل الغابات الاستوائية الباردة لخشب الزان في العالم. وتعد هذه المناطق رابطا حيا للحياة النباتية التي غطت القارة العظمى الجنوبية "غوندوانا" قبل تفككها منذ 180 مليون سنة تقريبا.
ذكرت السلطات أن الدخان الخانق لسيدني وكانبيرا ومدن وبلدات أخرى قد أنتج تلوثا يعادل 11 مرة المستوى الخطير على صحة الانسان. وفي سيدني وحدها كان تلوث الهواء خطيرا لأكثر من 30 يوما.
صحيفة الغارديان البريطانية