يتوجب على صانعي السياسة الاقتصاديَّة العمل باتجاه تنويع مصادر الدخل حتى لا يكون الاقتصاد العراقي رهيناً بتقلبات أسعار النفط الخام والسياسة المؤثرة في سوق النفط العالميَّة، وأنَّ النهوض بالإنتاج الوطني يمثل خطوة مهمة باتجاه معالجة العجز في الموازنة ويحوي معظم المشكلات الاقتصاديَّة.
عجز الموازنة
الأكاديمي الدكتور قصي الجابري قال لـ "الصباح": إنَّ "معالجة عجز الموازنة العامة يتطلب تنويع مصادر الدخل حتى لا يكون الاقتصاد العراقي رهيناً بتقلبات أسعار النفط الخام والسياسة المؤثرة في سوق النفط العالميَّة من خلال تحفيز سياسة دعم الصادرات والتوجه نحو الاستثمار في القطاع الحقيقي وفتح المجال للاستثمار الأجنبي المباشر، وأنْ يلعب دوراً مميزاً في خفض تكاليف الإنتاج وتحسين نوعيته من خلال استخدام التكنولوجيا المتطورة".
وتابع إنَّ "الجميع يدرك تماماً أنَّ الاستثمار يوفر خبرة وتدريباً لليد العاملة المحليَّة، كما أنَّ كبر حجم الاستثمارات الأجنبيَّة يمكن أنْ يؤدي الى تحقيق نمو اقتصادي ويوفر فرص عمل لامتصاص البطالة التي يعاني منها الاقتصاد الوطني وبالتالي تقليل الضغط على الموازنة العامة وتصحيح الاختلال في هيكل الاقتصاد العراقي".
جذب الاستثمارات
وذكر الجابري أنَّ "الإجراء الآخر لمعالجة عجز الموازنة العامة هو توفير بيئة ملائمة لجذب الاستثمارات الأجنبيَّة من خلال سن التشريعات والقوانين المناسبة لتحفيز الاستثمار الأجنبي وتقديم الضمانات الكافية لذلك من خلال اعتماد أسلوب المشاركة بين المستثمر الأجنبي والمستثمر المحلي مع الاحتفاظ بالهويَّة الوطنيَّة، ما يؤدي الى تفعيل دور رأس المال الوطني ليتكامل مع رأس المال الأجنبي وصولاً لتحقيق معدلات نمو مرتفعة".
واضاف "من أساليب معالجة عجز الموازنة، إعادة استثمار جزءٍ من الفوائض الماليَّة المتحققة من الاستثمار الأجنبي في الداخل لتطوير المشروع ذاته أو تمويل مشاريع استثماريَّة أخرى ذات ترابطات أماميَّة وخلفيَّة ليكون هذا الاستثمار عاملاً محفزاً لتنويع النشاط الإنتاجي وتطوير القاعدة الإنتاجيَّة وبذلك يقل الضغط على الموازنة العامة من ناحية الإنفاق ويقلل عجز الحساب الجاري، وبذا يوفر فائضاً في الحساب الجاري يمكن استخدامه لتمويل الإنفاق الحكومي".
وتابع إنَّ "معالجة عجز الموازنة يتطلب إقامة المناطق الحرة الصناعيَّة والتجاريَّة وإنشاء بعض الصناعات التي تقوم بالتصدير للخارج والتي تتكامل مع مشروعات صناعيَّة داخل الدولة، فضلاً عما توفره من فرص عملٍ تسهمُ في معالجة البطالة وتوفيرها للعملات الصعبة من خلال الرسوم والإيجارات التي تدفع وزيادة صادرات الدولة الى الخارج فينخفض عجز الحساب الجاري، وبذلك تسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي".
السياسة الماليَّة
واوضح أنَّ "إعادة النظر في السياسات الماليَّة العامة ضرورة ملحة، إذ يمثل الإنفاق الحكومي أحد أركانها الأساسيَّة ومدى تأثير هذه السياسة في تحديد مقدار العجز أو الفائض في الموازنة العامة، والطريقة التي يتم بها تمويل العجز والكيفيَّة التي يتم بها التصرف بالفائض، فعندما تصبح الاختلالات الاقتصاديَّة واضحة تظهر الحاجة الى اتخاذ إجراءات تتمثل في تحديد حجم التخفيض ومدى ديمومة برامج التخفيض هذه".
ولفت الى "أهميَّة إعداد دراسات كافية لتركيبة الإنفاق العام وطبيعة أنشطة القطاع العام وأنماط تقديم الخدمات العامة ومدى الأخذ بمبدأ الأولويات في تحديد حجم الإنفاق الاستثماري واتجاهاته وفقاً للضرورات الاجتماعيَّة والسياسيَّة معتمدين في ذلك على مبدأ إنتاجيَّة النفقة العامة وتغيير سياسة الدعم من دعم استهلاكي الى دعم استثماري إنتاجي ودعم القطاع الزراعي بشكل
خاص".
خصخصة المشاريع
وأكد أنَّ "خصخصة المشاريع الخاسرة التي تشكل عبئاً على الموازنة العامة وتقديم الدعم للقطاع الخاص على مستلزمات الإنتاج لزيادة نسبة مساهمته في تكوين الناتج المحلي الإجمالي يولد آثاراً إيجابيَّة ويحد من عجز الموازنة، وانَّ تصحيح الاختلال في الاقتصاد العراقي يجب أنْ يقترن بخطط تنمويَّة طموحة يتحقق من خلالها التناغم بين هدف التوازن الاقتصادي ممثلاً برفع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة مستوى الاستخدام وخفض معدلات التضخم الى مستويات مقبولة تحددها السلطة النقديَّة مع هدف التوازن الاقتصادي الخارجي ممثلاً بتوازن ميزان المدفوعات".