طريقة خزن التمر بين الماضي والحاضر

ثقافة شعبية 2020/01/19
...

بابل / حيدر الحيدري
 
 
يقول المثل العراقي (( بغداد مبنية بتمر فلش وكل خستاوي )) وهذا المثل الشعبي الجميل يبين بشكل واضح كثرة انواع التمر في العراق وطيبتها وخصوصا الخستاوي هذا النوع المميز ووجوده في المنازل العراقية صيفا وشتاءً.
والتمر هذا الذهب الابيض بطعمه الرائع وبأنواعه المتعددة التي تصل الى ما يقرب من 500 نوع وبتسمياته الشعبية المحببة التي تطلق عليه في اوقات نضوجه المختلفة مثل خلال وفضيخ وبرحي ورطب وقد ذكرت هذه التسمية في  القران الكريم في سورة مريم  في قوله تعالى (وهزي اليك بجذع النخلة تُسقط عليكِ رطباً جنياً).
وما ان يغزو التمر العراقي اللذيذ  الاسواق العراقية حتى يبدأ المزارعون في التحضير لخزنه وحفظ بعض انواعه لموسم الشتاء ولاسيما الخستاوي والشكري والمكتوم والجميل في الامر ان جميع اصناف التمر العراقي قابلة للخزن وحسب نوع التمر .
اكثر الاصناف التي يخزنها الفلاح العراقي هي الخستاوي التي تعتبر من اصناف التمور التي اعتاد الناس على استهلاكها بصور متعددة خصوصا في فصل الشتاء لانها من التمور الطرية التي يمكن خزنها لمدة طويلة وبعبوات مختلفة الشكل اضافة الى امكانية استخدامه في صناعات مختلفة كالمعجنات والحلويات والمدقوقة بعد خلطها مع المكسرات والسمسم. 
 
للحفاظ عليها
كانت التمور(  تجبس ) وتعني تحفظ وتضغط بقوة في نهاية الموسم بطريق بدائية جدا في نهاية موسم التمر اي بعد نضوجه تماما في شهري تشرين الاول وتشرين الثاني وكان الفلاح العراقي  يستخدم جلد الغنم بعد ان ينظف ويعقم باستخدام دباغ قشور الرمان والملح مع تعريضه لأشعة الشمس لحفظ التمور وهي طريقة ناجحة ومحكمة كي لا يتسلل اليها الهواء او الغبار الذي قد يتسبب في تلف التمر وقد يستخدم الحلانة او  الخصاف او ما يطلق عليه اهالي المدينة بـ (الكوشر) كطريقة ثانية لخزن التمر وهو سلة  كبيرة تصنع من خوص النخيل تخصص لحفظ التمر الزهدي المعروف بقوته وتماسكه ولا تناسب التمر الخستاوي الذي قد يتلف  بها كونها غير 
محكمة . 
وتعكف الأسر في نهاية الموسم باستنهاض الهمم على اتمام عملية كبس التمر قبل حلول فصل الشتاء إذ تتعاون الاسرة في جمع التمر ومن ثم اجراء عملية (البسل) وهي الكلمة التي تطلق على طريقة عزل التمر الناضج عن التمر غير الناضج (الخلال) و الحشف وحبات التمر اليابسة التالفة التي تقدم علفا للحيوانات وبعدها تقوم الأسرة بغسل التمر الناضج بعد وضعه في اقفاص خاصة  وتعريضه لأشعة الشمس حتى يجف 
تماما .
وفي الوقت الذي ما زالت فيه الأسر العراقية بصورة عامة والفلاح بصورة خاصة يستخدمون طريقة الخزن نفسها التي اتبعها الاجداد، لكن اليوم 
 
لا تستخدم الحلانة او الكوشر بل يعبأ التمر في اكياس ( النايلون ) التقليدية بعد اضافة السمسم والكزبرة وحبة الحلوة اليه وحسب ذوق الأسرة او قد يترك التمر كما هو من دون اي مطيبات ولا تتوقف العملية عند هذا الحد بل تنشر الاكياس فوق سطوح المنازل شهرا كاملا حتى يتحول الى كتلة واحدة ويتجانس ويبقى التمر المكبوس محافظا على طعمه وطبيعته لعام كامل اي حتى شهر اب وهو موعد نضوج التمر العراقي وبعدها يتغير طعمه وطبيعته ويتلف . 
بعض انواع التمر كانت وما زالت تحفظ بقص (عثق ) النخلة بأكمله  ويعلق في احد شبابيك المنزل وقد تستخدم بعض الأسر هذه الايام طريقة التجميد مع (الخلال)  وهو الاسم الذي يطلق على التمر قبل ان ينضج فيعبأ هو الاخر باكياس نايلون حتى ينضج ويسمى انذاك بـ ( الفضيخ) اما كلمة الرطب فتطلق على جميع انواع التمر وهو في بداية 
النضوج.