داعش افغانستان لا يزال يشكل {تهديدا} رغم {محوه}

بانوراما 2020/01/21
...


 
توماس جيبونز نيف ومجيب مشعل ترجمة: ليندا أدور
 
 
 
أدت الهجمات على الفرع الأفغاني لعصابات "داعش"  الارهابية الى خفض عديد مقاتليها الى مئات   عدة ، لكن لا تزال هناك تحذيرات من أن قسوة التنظيم لا تزال تشكل تهديدا. فمع انهيار معقل تلك العصابات الرئيس شرقي أفغانستان خلال الأسابيع الأخيرة، وفقا لمسؤولين أميركيين وأفغان، بعد سنوات من هجمات مسلحة منسقة نفذتها قوات أميركية وأفغانية، وفي الفترة الأخيرة، من قبل "طالبان" كذلك.
مؤخرا، أعلن الرئيس أشرف غني، أن عصابات "داعش" قد جرى "محوها" من محافظة نانغاهار، ملاذ عصابات شرق افغانستان. وذكر الجنرال أوستن ميلر، قائد القوات الأميركية والناتو بأفغانستان، بأن فقدان "داعش " لأراض كان متشبثا بها لسنوات سيحد وبقوة من عمليات التجنيد والتخطيط لديه. لكن ميلر حذر من أن داعش قد يظل مصدر تهديد لأفغانستان، حتى وإن لم يكن يسيطر على الأراضي، مشددا على الانتباه وتتبع المسلحين الذين ما زالوا يتحركون بحرية، وخلايا" داعش " المتبقية في مناطق حضرية. يقول ميلر: "لقد بدا هذا الأمر جليا في كل من العراق وسوريا، فعندما تستولي على أراض واسعة كانت بحوزتهم، يتحولون الى خلايا صغيرة، ليظهروا فجأة من مناطق غريبة". 
ان تردد الجنرال ميلر حول تأكيد أي نصر كبير حققته قواته يعد مؤشرا على الانتهاكات الواسعة التي حققتها خلايا "داعش" بأفغانستان، والتاريخ الطويل لنجاح جماعات مسلحة هناك بالإرتداد بعد تعرضها لخسائر لا يمكن تحملها. يرى مسؤولون غربيون وأفغان ان مجموعة الأسباب التي أدت الى خسارة"داعش " منطقة شرقي البلاد، أرغمت الكثير من مسلحيه إما بالتحرك نحو منطقة أخرى أو الاستستلام، اذ يقدر أحد المسؤولين الغربيين ان قوة "داعش"، اليوم، قد تراجعت الى نحو 300 مقاتل في افغانستان، بعد أن كانت نحو ثلاثة آلاف مطلع العام الماضي.  
أوضح مسؤولون عسكريون ومشرعون ان وجود "داعش" في افغانستان كان أحد الأسباب للإبقاء على قوات أميركية هناك بعد توقيع اتفاقية سلام مع طالبان، مشيرين الى أن طالبان لن تكون قادرة على هزيمة التنظيم وبأن المتمردين لم يبذلوا الكثير بهدف النأي بأنفسهم عن تنظيم "القاعدة" المسؤول عن أحداث هجمات الحادي عشر من أيلول 2001
 الارهابية. 
ما أثار قلق المسؤولين، بشكل خاص، هو أن قدرة "داعش" للتخطيط لشن هجمات والتجنيد ضمن حدود العاصمة الافغانية كابول، مستمرة بالرغم من الحملة المكثفة ضده، اذ ان بعض المجندين متورطون بالتخطيط أو تنفيذ تفجيرات مميتة هناك، كانوا قد أتوا من مدارس راقية وسط المدينة. 
فبالنسبة لكريم الله، أحد سكان قرية جاودارا الصغيرة شرقي البلاد، التي شهدت وقوع تفجير انتحاري نسب الى "داعش" والذي قتل فيه أكثر من 70 شخصا خلال تشرين الأول الماضي، فان الانتصارات المتحققة في سوح القتال، والمواقف السياسية او حتى مقتل زعيم "داعش"، ابو بكر البغدادي، مؤخرا، لا تعني الكثير له. ويقول كريم الله الذي يستخدم اسمه الأول فقط وكان قد فقد أحد عمومته بسبب الانفجار: "سواء مات البغدادي أم لا، ما الذي يهمنا؟ لأن حياتنا قد دمرت". 
 
خلافة جديدة
لا تبدو مشاعر الازدواجية هذه ليست بغير الشائعة هنا، فكثير من الافغان يكاد لا يرون اختلافا كبيرا بين "داعش" و"طالبان". لكن مما لا شك فيه، بأن العنف الشديد الذي ارتكبته "داعش" تحول الى وجه دائم للحرب، ليعمق من المعاناة الهائلة في عموم أنحاء البلاد.
كانت "داعش" قد نجح باختراق أجزاء من المجتمع الأفغاني التي ظلت أجزاء كبيرة منها من دون أن تمسها الحرب الأوسع المشتعلة لسنوات، وتثير قوة "داعش" ، رغم هزائمها الأخيرة التي منيت بها، الاحتمال القاتم بحرب لا نهاية لها حتى بعد تفاوض "طالبان" حول السلام. 
بعيدا عن فرع داعش المركزي في العراق وسوريا، بدأت "داعش" افغانستان على شكل مجموعة من مقاتلين "طالبان" من الباكستانيين المهمشين والمحرومين ومن الذين بايعوا البغدادي بداية العام 2015. ، ومنذ ذلك الحين، بدأ التحول البطيء لداعش الى مصدر للتهديد بمناطق جبال افغانستان الشرقية، مع اتساع نفوذها ليمتد الى عموم أنحاء البلاد، لتشمل العاصمة 
كابول. 
يقول إريان شريفي، الذي شغل منصب مدير تقييم التهديدات بمجلس الأمن الوطني الأفغاني حتى نهاية العام الماضي، انه بالرغم من ان "داعش" سوريا والعراق كانت قد أرسلت أموالا الى الجماعة التابعة له بافغانستان، كدعم لنشأتها الأولى، الا ان العلاقات بين الجانبين بقيت بأدنى حالاتها. يشير المسؤولون الى ان احد أهداف المجموعة هو السيطرة على أراض داخل افغانستان ودول أخرى بجنوب وأواسط آسيا، ضمن محاولة منهم لإقامة خلافة على غرار الخلافة التي سبق لداعش إنشاؤها بمنطقة الشرق الأوسط. يعتقد شريفي بأن "داعش" افغانستان ستحاول أن تصبح مركزا عالميا لجميع عصابات داعش الاجرامية خلال السنوات المقبلة، بعد خسارتها الأرض في العراق وسوريا إثر تعرضه لهجمات وضربات جوية مكثفة بدعم من
 الغرب.
أشارت الحكومة الأفغانية الى وصول المزيد من المقاتلين الأجانب الى افغانستان للقتال مع داعش بعد فقدانه أرض سيطرتها لدى فرعها المركزي في العراق وسوريا، وهو تقييم لقي دعما من مسؤولي المخابرات الأميركية. لكن شريفي، حذر من أن "داعش" افغانستان أقل ايدلوجية من نظرائها في الشرق الأوسط، فضلا عن تأثرها الشديد بالسياسات الأقليمية".