أردوغان يتمسك بسياسة تركيا تجاه ليبيا في أعقاب قمة برلين

قضايا عربية ودولية 2020/01/21
...

اسطنبول / فراس سعدون
 
 
وقع الرئيسُ التركيُّ، رجب طيب اردوغان، إلى جانب عدد من زعماء العالم، على 55 نقطة تضمنها البيان الختامي لقمة برلين، في إطار جهود البحث عن حل سياسي للصراع في ليبيا. وتمثل النقاط الموقعة خريطة طريق، تحت سقف الأمم المتحدة، يمكن أن يمهد تنفيذها لوقف دائم لإطلاق النار بين الخصوم الليبيين وداعميهم.
 وتنص الخريطة على عقد اجتماع في الأيام القليلة المقبلة للجنة عسكرية، تضم 5 شخصيات تمثل حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج، و5 شخصيات تمثل الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر.
وجرت العادة أن يدلي اردوغان بتصريحات من على متن طائرته الرئاسية للصحفيين الذين يرافقونه في ختام زياراته المهمة، وهذا ما حصل عند عودته من قمة برلين. وفي حين تضمنت التصريحات، التي نشرتها وكالة الأنباء الرسمية التركية ووسائل إعلام تركية أخرى، تمسك اردوغان بسياسة أنقرة تجاه طرابلس، فإنها اشتملت على تراجعه عن تصريحات سابقة تخص إرسال «عساكر أتراك» إلى العاصمة الليبية.
 
الموقف التركي
وقال الرئيس التركي: «سوف نستمر في دعم العملية السياسية (الليبية) من خلال الحفاظ على موقفنا قويا في الميدان، وعلى الطاولة». وأضاف «سنواصل الوقوف إلى جانب الحكومة الشرعية» في إشارة إلى حكومة السراج.
ووقعت حكومتا اردوغان والسراج، في تشرين الثاني، مذكرتي تفاهم إحداهما للتعاون الأمني والعسكري، والأخرى لتحديد مناطق النفوذ والمناطق الاقتصادية الخالصة التركية – الليبية في البحر المتوسط.
وبيّن اردوغان في ضوء حديثه عن بيان قمة برلين «سيتم إنشاء آلية لمتابعة القرارات المتخذة اليوم، وستعقد اجتماعات شهرية». وتابع «ستركز هذه الاجتماعات، التي ستعقد تحت مظلة الأمم المتحدة، على القضايا السياسية والعسكرية والاقتصادية في ليبيا».
وجدد اردوغان مهاجمة حفتر لعدم توقيعه على اتفاق لوقف إطلاق نار دائم في ليبيا، على الرغم من حضوره إلى برلين، وهو القرار الثاني من نوعه الذي يتخذه اللواء، عقب رفض حفتر التوقيع على اتفاق للهدنة، خلال محادثات في موسكو، عقدت الأسبوع الماضي، برعاية روسيا وتركيا معا، على أساس دعوة وجهها كل من اردوغان ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، عند اجتماعهما في اسطنبول يوم 8 من كانون الثاني الحالي. وأفاد اردوغان «في حال الالتزام بالدعوة التي وجهناها مع بوتين لوقف إطلاق النار، فإن الطريق سيكون ممهّدا أمام الحل السياسي»،  واستدرك بأن «حفتر لم يوقع النصوص حتى الآن، وهذا أمر مهم (خطير)». لقد ذكرتهم بمقولة أسلافنا: «الوعد يطير والنص يبقى»، والنص يجب تأكيده بالتوقيع، ولكن على الرغم من ذلك لم يوقع، وظل الحال على هذا النحو، إذ جرى الاقتصار على تقديم تعهدات شفهية أمام جميع المشاركين». ووجد الرئيس التركي أن «النقطة الأساسية هنا هي أن ينهي حفتر موقفه العدواني، فأنصار حفتر هم الذين انتهكوا جميع الاتفاقات وهاجموا الحكومة الشرعية منذ نيسان». وأردف «لقد أوضحت هذه القضية في القمة، وبالطبع لم يكن لأحد أن يعترض».
ولفت اردوغان إلى أن «الحقيقة هي أن الخطوات التي اتخذناها بشأن ليبيا قد حققت التوازن في العملية، وتم إجراء وقف لإطلاق النار». وعبّر عن أمله أن تكون «النتيجة جيدة».
 
إرسال قوات تركية
وذكر الرئيس التركي أن أكثر سؤال طرح عليه هو «هل سترسل قوة عسكرية إلى هناك (ليبيا)؟، وكانت إجابتنا لهم ‹نحن لم نرسل قوة عسكرية إلى هناك حتى الآن›. أرسلنا مدربين ومستشارين فقط».
وكان اردوغان قال، الأسبوع الماضي، في اجتماع تقييم أداء حكومته خلال العام المنصرم 2019: «للحفاظ على الحكومة الشرعية وضمان الاستقرار في ليبيا؛ نرسل عساكرنا لهذه الدولة»، مضيفا «ومع إدراك أن أمن تركيا يبدأ من خارج حدودها، ولتحقيق الاستقرار في جنوب جغرافيتنا؛ سنواصل تعبئة جهودنا السياسية والتجارية والإنسانية والدبلوماسية والمنشآت العسكرية».
 
محادثات تركية – روسية
وبحث خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي، مع نظيره الروسي، سيرغي شويغو، الوضع في ليبيا وملفات أخرى، في ضوء تصريحات اردوغان وما جاء فيها من ذكر لبوتين وروسيا في الملف الليبي.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، إن الوزيرين بحثا، في مكالمة هاتفية، الوضع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع التركيز على سوريا وليبيا».
 
عقوبات أوروبية
وتناقلت وسائل إعلام تركية أنباء عن إعداد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد كيانات وأفراد من تركيا، مسؤولين عن تنفيذ أعمال استكشاف وحفر في منطقة شرق المتوسط.
وأوردت وسائل الإعلام عن جوزيف بوريل، مفوض الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، قوله في مؤتمر صحفي ببروكسل، عند انتهاء جلسة للمجلس الأوروبي: «ناقشنا الوضع بشأن عمليات الحفر الجديدة التي تجريها تركيا في البحر المتوسط، ووزير الخارجية القبرصي أبلغنا بذلك». وواصل «اتفقنا على مطالبة السلطات المختصة في المجلس بوضع اللمسات النهائية على القائمة السوداء للأفراد والكيانات في تركيا، المسؤولة عن أعمال الحفر غير القانونية، التي يجب فرض عقوبات عليها».
وكان حامي أقصوي، المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، كشف عن توجه سفينة تركية لإجراء عمليات حفر قبالة قبرص التركية.
وتسعى تركيا منذ عقود لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي من دون جدوى، في وقت تعمل فيه على التنقيب عن موارد الطاقة وأخذ حصتها منها، رغم اعتراضات الدول المعنية بتلك الموارد، ليس في مياه قبرص التركية أو المياه الإقليمية المشتركة مع ليبيا في ظل مذكرة التفاهم الموقعة أواخر العام المنصرم، بل في المياه الصومالية أيضا، بناء على دعوة كشف عنها اردوغان في تصريحات عودته من برلين: «هناك عرض من الصومال. يقولون: هناك نفط في مياهنا، وأنتم تقومون بهذه العمليات (الاستكشاف والتنقيب والحفر) مع ليبيا وبوسعكم القيام بها هنا أيضا. هذا مهم جدا بالنسبة لنا... لذلك ستكون هناك خطوات نتخذها في عملياتنا هناك».
 
قمة الاتحاد الافريقي
من جانب آخر أعلن رئيس هيئة الحكماء في الاتحاد الأفريقي، الأمين العام السابق في جامعة الدول العربية ووزير خارجية مصر السابق، عمرو موسى، امس الثلاثاء، أن الوضع في ليبيا سيكون أحد مواضيع النقاش خلال قمة الاتحاد الأفريقي التي ستجري بتاريخ 9  شباط المقبل. 
 وفي تصريح صحفي قال موسى: «ستكون لدينا قمة في الـ 9 من شباط المقبل،  وأعتقد بأن ليبيا ستكون أحد المواضيع». وأشار موسى إلى أنه ستتم دعوة روسيا إلى مؤتمر الاتحاد الأفريقي للتسوية في ليبيا، كونها تلعب دوراً كبيراً في المنطقة، وهي عضو دائم في الأمم المتحدة وتلعب دوراً كبيراً وتتحمل مسؤولية».