حروب من نوع خاص

آراء 2020/01/24
...

حسين علي الحمداني
 
نجد العراق اليوم في وسط الصراع العالمي في أكثر من جبهة، بعضها مفروضة بحكم الواقع الإقليمي والعالمي، وبعضها الآخر سعينا إلى أن نكون جزءاً منه بطريقة أو بأخرى.
ما يعرفه الجميع هو ذلك الصراع الأميركي – الإيراني الذي جاهد العراق لأن يكون خارجه ولم ينجح في ذلك لأسباب عديدة أبرزها، بالتأكيد، أنّ واشنطن وطهران فضلتا تسوية حساباتهما على أرضنا وبدمائنا وهو ما شكّل انتهاكا واضحا للسيادة العراقية التي ظلت البيانات الأميركية والإيرانية حريصة عليها بعد كل انتهاكا يرتكب ضدنا.
الجبهة الثانية التي ربما نجد أنفسنا طرفا فيها هو الصراع التجاري بين أميركا والصين، هذا الصراع الذي لم يكن وليد الاتفاقية العراقية - الصينية التي حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بالترويج لها على أنّها ستكون الإنجاز الكبير وستحقق طفرة كبيرة في التنمية العراقية، والكثير منّا قد قال إنّها صفعة كبيرة لأميركا التي حاولت جاهدة إفشال هذه الاتفاقية، وأخذ بعض آخر يرسم لنا ملامح العراق الجديد بعد دخول الشركات الصينية للعراق، وقد تكون هكذا إذا ما وجدنا واشنطن موافقة على ذلك، لا سيّما، وكما أشرنا أن الصراع التجاري بينها وبين بكين وصل إلى مرحلة (كسر العظم) ولنا في الكثير من العقوبات الأميركية ضد الشركات الصينية ما يؤكد كلامنا، بما في ذلك زيادة الضرائب الأميركية على كل ما مستورد من الصين التي تعد اليوم قوة اقتصادية كبيرة في العالم تتعامل معها الكثير من دول العالم ولها اتفاقيات عديدة معها.
لكن وضع العراق يختلف عن بلدان كثيرة في العالم، وأميركا تنظر إلى العراق من زوايا عديدة ولها أهدافها الخاصة منها متوسطة  وأخرى بعيدة المدى، وبالتأكيد لها موقفها من هذه الاتفاقية التي قال بعضهم إنّ أحداث العراق وتظاهراته جاءت بسبب الاتفاقية العراقية – الصينية التي أغضبت واشنطن بدرجة كبيرة جدا، فكيف سيكون الحال لو وجدت هذه الاتفاقية طريقها للتطبيق؟ هل نجد العراق ساحة للصراع بين التنين الصيني و الأميركي وهذه المرة سلاحها الاقتصاد وتأثير ذلك علينا لا سيّما أنّنا ما زالنا دولة بحاجة ماسّة لدعم كل الدول وعدم المراهنة على قطب واحد قد يتخلى عنّا أو يضحي بنا تجنبا للتصادم مع أميركا.
أميركا تعدّ نفسها صاحبة القرار في العراق ومن يرد لشركاته أن تعمل في العراق فعليه أخذ موافقتها أولا، والكثير من الدول الأوربية، بما فيها الحليفة لواشنطن، تدرك هذا جيدا وتتعامل مع هذا الواقع ونجد شركاتها تعمل في العراق وفق هذا المبدأ، أو تحت غطاء أمريكي. أمّا الصين، الدولة التي لديها خلافات سياسية واقتصادية كبيرة مع أمريكا، بل لا نبالغ إن قلنا ثمة حرب تجارية كبيرة بينهما وبالتالي قد نجد أنفسنا طرفا فيها.
هذا ما يجعلنا نقول إنّ العراق الآن بحاجة ماسّة لدعم جميع دول العالم،وأغلب الدول وشركاتها لديها الرغبة للعمل في العراق إذا ما توفرت الظروف المناسبة للعمل.