أكبرُ معيقٍ لمسار التنمية الصحيحة يتمثلُ بعدم توفر الإحصاء الدقيق للإمكانات والموارد العامَّة للبلاد وفي مقدمتها البشريَّة، والأهم غياب الإحصاء الدقيق. ما الذي حصل في ظل هذا التراجع؟
جميع القرارات والتشريعات التي صدرت لم تكن قادرة على حل الإشكالات والتحديات التي تواجه البلد خصوصاً تلك المتعلقة بمستوى الفقر والبطالة.
وذلك لأنَّ الإحصاءات التقديريَّة ونسب البطالة والفقر كانت ولا تزال تُبنى على تقديرات مع غياب كفاءة الإحصاءات، وأكيد عدم الاستقرار السياسي هو العامل الأساس في هذه الفوضى، وذلك أفضى الى الإقرار بأنَّ الإصلاحات ترقيعيَّة وليست واقعيَّة لعدم توفر الإحصاءات الدقيقة.
لقد تخلفت الشواهد الإحصائيَّة كثيراً في العراق، وبما لا يقبل الشك فقد انعكس هذا التراجع على الأداء الاقتصادي، ما قاد الى صعوبة تحقيق الإصلاحات الاقتصاديَّة السليمة، وقد رافق ذلك عدمُ الاستقرار السياسي وتسارع الأحداث ورفع وتيرة الحراك الشعبي أيضاً.
السؤال كيف يمكن اتخاذ القرارات الصحيحة؟
قطعاً عن طريق (التعداد العام للسكان) وهناك اتجاه أو قرار لإجرائه خلال هذا العام
2020.
لفت انتباهي إنَّ هناك مؤتمراً دولياً تحضيرياً سيُعقدُ شهر شباط المقبل تنظمه الجمعيَّة العراقيَّة للعلوم الإحصائيَّة بالتعاون مع الأمم المتحدة والجامعات والمنظمات الاقتصاديَّة العراقيَّة وتحت شعار (التعداد السكاني.. مسارات إنمائيَّة بشواهد إحصائيَّة).
أتمنى أنْ يحظى هذا النشاط بمشاركة واسعة من قبل منظمات ذات شأن اقتصادي وممثلين عن الحراك الشبابي؛ لما ينطوي عليه هذا المؤتمر من أهميَّة في رسم خارطة طريق لإخراج العراق من مأزق التراجع
الاقتصادي.
نعول على مؤتمرٍ يحددُ ملامح وسبل نجاح التعداد العام للسكان وتشخيص التحديات والخروج بتوصيات قادرة على تحقيقه.
وأعتقد كمراقبٍ ومحللٍ للشأن الاقتصادي بأنَّ هذا المؤتمر هو أسُّ الحل لمشكلة التعداد العام للسكان، وأجزم بأنَّه سيكون الأساس السليم للتعداد، سواء تم إجراؤه أو لم يتم.
وأتوقع أنَّ التعداد العام للسكان سوف لن يتم هذا العام إذا بقيت الأوضاع والمتمثلة في عدم الاستقرار، ولكنْ في جميع الأحوال سيضع المؤتمر الاصبع على الجرح ويبقى الأساس في مسار اتخاذ قرار تنظيم التعداد العام للسكان، سواء هذا العام أو في قادم
الأعوام.