بغداد/ متابعة فرح الخفاف
أشر تقرير منظمة الشفافيَّة الدوليَّة لعام 2019 معاناة أكثر من ثلثي الدول – بما فيها العديد من الاقتصادات المتقدمة في العالم – من الركود أو ظهور ملامح التراجع في جهود مكافحة الفساد، بحسب مؤشر مدركات الفساد لعام 2019 الذي أصدرته.
وأظهر تحليل النتائج أنَّ الدول التي يؤثر فيها أصحاب المصالح الخاصة في الانتخابات وتمويل الأحزاب السياسيَّة هي الأقل قدرة على مكافحة الفساد.
المزيد من النزاهة
قالت رئيسة منظمة الشفافيَّة الدوليَّة، ديليا فيريرا روبيو: "إنَّ الإحباط من فساد الحكومة وانعدام الثقة في المؤسسات يدلُّ على الحاجة الى المزيد من النزاهة السياسيَّة".
وأضافت: "على الحكومات أنْ تعالج وبسرعة الدور الفاسد الذي تلعبه الأموال الطائلة المنفقة في تمويل الأحزاب السياسيَّة والتأثير غير الشرعي الذي تُوقعه في أنظمتنا السياسيَّة".
يُصنف مؤشر مدركات الفساد مراتب 180 دولة وإقليماً من خلال المستويات المدركة لفساد القطاع العام، استنادا الى 13 تقييماً ودراسات استقصائيَّة لمدراء تنفيذيين في مجال الأعمال التجاريَّة، ويستخدم المؤشر مقياس من "صفر" (فاسد جداً) الى 100 (خالٍ تماماً) من الفساد.
وسجلت أكثر من ثلثي الدول درجات دون 50، إذ يبلغ معدل الدرجات 43 درجة فقط. فمنذ العام 2012، تقدمت 22 دولة بشكل ملحوظ من ضمنها إستونيا واليونان وغيانا. فيما تراجعت 21 دولة بشكل ملحوظ بما فيها أستراليا وكندا ونيكاراغوا.
مدركات الفساد
حلت أربع دول عربيَّة ضمن قائمة أشد عشر دول فساداً في العالم، وفق التقرير السنوي لمؤشرات مدركات الفساد الذي تصدره منظمة الشفافيَّة الدوليَّة.
ومع متوسط الدرجات ذاته البالغ 39 في العام الماضي، كان هناك تقدمٌ ضئيلٌ في تحسين السيطرة على الفساد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ سجلت الصومال، سوريا، اليمن، السودان الأكثر فساداً برصيد 9، 13، 15، 16 على التوالي، بحسب تقرير المنظمة، وكانت سوريا واليمن، من أبرز الخاسرين في مؤشر أسعار المستهلك، إذ انخفض اليمن ثماني نقاط منذ العام 2012 وسوريا 13 نقطة خلال الفترة عينها، في حين حل العراق في المرتبة 162 من أصل 180، أما برصيد (71)، تعد الإمارات العربيَّة المتحدة الأفضل أداءً يليها قطر (62).
تقييم الدول
يعتمدُ المؤشر على تقييم الدول وفق مقياس من مئة نقطة، بحيث يقل الفساد كلما زادت أعداد النقاط التي حصلت عليها الدولة.
وصنف المؤشر 180 دولة، ثلثها فقط حصل على أكثر من خمسين نقطة، إذ قسمت الدول إلى ست مناطق، هي الأميركيتان وغرب أوروبا والاتحاد الأوروبي، والصحراء الأفريقيَّة، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وشرق أوروبا وآسيا الوسطى، وشرق آسيا والمحيط الهادي.
وكانت دول غرب أوروبا ودول الاتحاد الأوروبي هي الأقل فساداً، إذ حلت في المراكز الستة الأولى نيوزيلندا، والدنمارك، حيث سجل كل منهما 87 درجة، ثم فنلندا 86، وسنغافورة 85، ثم السويد 85، وسويسرا 85.
وخلال الأعوام الثمانيَّة الماضيَّة، قامت 22 دولة فقط بتحسين درجاتها على مؤشر مدركات الفساد بشكل ملحوظ، من ضمنها اليونان وغيانا وإستونيا، وفي الفترة ذاتها انخفضت بشكل كبير درجات 21 دولة، من ضمنها كندا وأستراليا ونيكاراغوا، أما في البلدان الـ 137 المتبقيَّة فأظهرت مستويات الفساد القليل من التغيير أو
انعدامه.
المال والفساد
يركز مؤشر مدركات الفساد لعام 2019 على العلاقة بين السياسة والمال والفساد، ويستند على بيانات بشأن شفافيَّة تمويل الحملات السياسيَّة ووصول الجمهور الى عمليَّة اتخاذ القرار.
وتصدرت أوروبا الغربيَّة ودول الاتحاد الأوروبي بقيَّة المناطق هذا العام بمعدل 66 من مئة، بينما سجلت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء أدنى معدل بنحو 32 نقطة، وقد حافظت هاتان المنطقتان على ثبات معدلهما منذ العام الماضي.
حياة المجتمع
بهذا الشأن قالت المديرة التنفيذيَّة لمنظمة الشفافيَّة الدوليَّة باتريشيا موريرا: "للحصــول علــى أي فرصــة لإنهــاء الفســاد وتحســين حيــاة المجتمع، لا بدَّ من معالجــة العلاقــة بيــن السياسـة والأموال الطائلة، فيجــب تمثيل جميع المواطنين في عمليَّة صنـع القـرار".
وبدرجة تبلغ 77، هبطت كندا أربع نقاط منذ العام الماضي، وبشكل ملفت تراجعت سبع نقاط منذ العام 2012، في حين قفزت أنغولا سبع نقاط في مؤشر مدركات الفساد لهذا العام، ومع أنَّ الدولة استعادت 5 مليارات دولار أميركي من الأصول المنهوبة، إلا أنه يتعين عمل المزيد لتعزيز النزاهة وتعزيز الشفافيَّة في محاسبة عائدات النفط.
استعادة الثقة
خرج التقرير بتوصيات لإنهاء الفساد عالمياً واستعادة الثقة في السياسات الحكوميَّة ومكافحة الفساد السياسي، وهي: التضييق على فرص تضارب المصالح، مراقبة التمويل السياسي، تعزيز النزاهة الانتخابيَّة، تنظيم أنشطة الحشد الانتخابي، التصدي للمعاملات التفضيليَّة والمحسوبيَّة، تمكين المواطنين من القرار السياسي ومعرفة حقوقهم المدنيَّة والسياسيَّة، إرساء المراقبة والمحاسبة، أنْ تكون أنشطة المشاورات علنيَّة ومتاحة للمشاركة العامة.