وديع نوري الحنظل
طالما نادت النخب الاقتصاديَّة بمنح الشباب الاهتمام الكافي كونهم ثروة ويمثلون السواد الأعظم من سكان البلاد، وغالباً ما كانت الأصوات تُجابه بعدم الاهتمام من قبل المؤسسات المعنيَّة.
فالاهتمام بهذه الشريحة المهمة والتي تمثل منطلقاً لعمليَّة التنمية الاقتصاديَّة، وهنا لا بدَّ من إيلاء الشباب الاهتمام المطلوب، والعمل سريعاً وفق خططٍ مدروسة وبرامج علميَّة واضحة على تنمية قدراتهم وتدريبهم وزجهم في سوق العمل وتأمين حصولهم على فرص العيش الكريم الذي يستحقونه، وكان آخر نداء ذلك الذي أطلقناه في (منتدى نينوى للاستثمار) المنعقد في الثالث من كانون الأول الماضي.
قلنا في حينها مناشدين الجهات ذات الشأن: "إعملوا الآن وليس غداً على تنمية القدرات البشريَّة للشباب, لا سيما الخريجين العاطلين"، إذ إنَّ تجاهل هذه الشريحة القادرة أمرٌ ليس بمصلحة البلاد، ويمكن توجيه هذه الثروة صوب المساهمة الفاعلة في إعمار البلاد وإسعاد العباد، لما تمتلكه من طاقات واعدة وقدرات هائلة وينابيع لا تنضب.
نداؤنا بيَّنَ للشباب أنَّ أبواب المنظمات الدوليَّة مشرعة لإنجاز هذه المهمة، وقلنا لهم أيضاً بأنَّ القطاع المصرفي الخاص جاهز ومستعد لمد يد العون من خلال إقراض الشباب لإنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة تسهمُ في القضاء ولو على جزءٍ من آفة البطالة التي باتت تضرب أطنابها في المجتمع وتدق جرس الإنذار.
تطلق بين الحين والآخر دعوات بعيدة عن الأغراض الشخصيَّة، لتطوير واقع الشباب ومساهمتهم في التنمية، وتحتاج الى آذانٍ صاغية وتجاوبٍ إيجابي، كون مخرجات الجامعات والشباب الذين يدخلون سوق العمل بشكل سنوي بأمس الحاجة الى الاهتمام واستثمار قدراتهم بالاتجاه الصحيح، وأنْ يكونوا داعماً فعلياً لمسيرة التنمية لا العكس.
ونداؤنا متواصلٌ ومفاده أنَّ استقرار البلاد يتطلب الاهتمام بالشباب، فهم منطلق التنمية المستدامة، والعمران والمستقبل المشرق، هم الهدف والوسيلة والأداة، ومن أولى واجبات الحكومة النهوض بأوضاعهم الثقافيَّة والاجتماعيَّة والصحيَّة والتعليميَّة وتعزيز مشاركتهم في المجتمع وتوظيف طاقاتهم لخدمة أنفسهم ومجتمعهم الذي ينتمون إليه.
ولا بدَّ أنْ تتجه الجهود صوب معالجة ظاهرة البطالة وتأثيرها السلبي في المجتمع, اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً, ما يستوجب البحث عن علاجات سريعة ولكنْ غير متسرعة، للقضاء على هذا الداء الخطير، ولنْ يتحقق هذا الهدف إلا من خلال الاهتمام بتنمية رأس المال البشري، كونه الأعلى قيمة والأسمى منزلة من أي رأس مال آخر.