دير الربان هرمز.. تهديد {داعش} لا يزال محسوساً

بانوراما 2020/01/28
...

تشارلي داغاتا ترجمة: ليندا أدور
 
خلال السنوات الماضية، شهد العراق اعمال عنف، اشتعلت غالبيتها بسبب الاختلافات الدينية، لكن في بلد، قد يكون للعبادة فيه ثمن باهظ، تبرز واحة نائية مختبئة بين الجبال، هي عبارة عن دير مسيحي قديم، يدعى دير الربان هرمز. يعود تاريخ إنشاء الدير، الذي يعد أحد أقدم الأديرة من نوعه على مستوى العالم، الى نحو 1400 سنة خلت، وقد نُحت في صدر الصخور التي شيد عليها ويطل على سهول شاسعة شمالي العراق.
يرجع اسم الدير الى الربان هرمزد الذي قدم من بلاد فارس، وعاش حياته ناسكا متعبدا قرابة 30 عاما، منعزلا منفردا داخل شبكة الكهوف العميقة عند سفح الجبل، وبمرور الزمن، بدأ الكثير من الرهبان يحجون اليه للاستقرار داخل صوامعه العديدة.
 
كنائس مدمرة
تقول مريم صالح، (21 عاما)، التي رافقت مجموعة من طلاب التاريخ الى الدير: “يشكل المسيحيون جزءا مهما من مجتمع كردستان العراق، وهم موجودون هنا منذ آلاف السنين”. 
على مر القرون، أصبح الدير أكثر من مجرد مكان للتعبد، فقد صار ملجأ وملاذا آمنا في منطقة نالت أكثر من نصيبها جراء
الاضطرابات. 
فقد تعرض موقع الدير لهجمات المغول والكرد والعثمانيين والأتراك، ونجا من جميعها بطريقة أو بأخرى. 
لكن التهديد الأكبر الذي تعرض له الدير هو اجتياح داعش الارهابي للمنطقة بأكملها صيف العام 2014، وقد استهدف مسلحوه حينها كل ما يمت للمسيحية بصلة، كنائس يعود عمرها لقرون سويت مع الأرض خلال ثوان 
معدودة. 
عندما سيطر داعش على مدينة الموصل القريبة، فر عشرات الآلاف من المسيحيين الى بلدات مسيحية مجاورة. 
في إحدى المرات، كان التنظيم الارهابي
لا يبعد سوى مسافة 10 دقائق بالسيارة عن بلدة القوش عند قاعدة الجبل، لم يقترب “داعش” أكثر من ذلك، لكن التهديد الذي شكله لا يزال محسوسا حتى 
اليوم. 
 
على حافة الهاوية
داخل الدير، هناك حارس شخصي يحمل سلاحا يتبع القس حيثما ذهب. يقول رئيس الرهبان، الأب دنخا توما، الذي كان في الموصل حين وقعت بأيدي التنظيم قبل خمس سنوات، بأنهم كانوا مستعدين لما هو أسوأ. 
ويتساءل: “برأيك، ماذا كان الدواعش سيفعلون إذا ما وصلوا الى هنا؟”، مضيفا “كانوا أينما رأوا صليبا يحطموه، لقد محو آثارا مسيحية، حتى ان تمثالا للسيدة مريم العذراء، أقدموا على قطع رأسه وتركه شاخصا في مكانه، ولو كانوا وصلوا الى هنا لكانوا، بالتأكيد، دمروا الدير 
كذلك”.
قبيل الاجتياح الذي تعرض له العراق بقيادة الولايات المتحدة وعصابات داعش الارهابية، كان هناك نحو مليون ونصف مليون مسيحي في العراق، لكن اليوم، بالكاد يصل عددهم الى 250 ألف شخص، حيث يوجد من الكلدان الكاثوليك في الولايات المتحدة أعداد تفوق ما يضمه العراق. 
يذكر أن رئيس أساقفة عراقيا قد حذر، مؤخرا، من أن “المسيحية في العراق على وشك الانقراض”، ما يعني ان واحدة من أقدم المجتمعات المسيحية، التي 
لا تزال موجودة حتى الآن، على حافة
التلاشي.