مشاركة الرئيس بمنتدى دافوس ولقاء ترامب

آراء 2020/01/29
...

عبد الحليم الرهيمي
 

مشاركة الرئيس الدكتور برهم صالح باجتماعات المنتدى الإقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا ولقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أثارت ردود فعل وآراءً متباينة حولها، لا سيّما اللقاء مع الرئيس الاميركي. فثمة رأي عبرت عنه بعض الجماعات المسلحة وهو رفض لقاء الرئيس صالح مع نظيره ترامب باعتبار أنّ بلاده وقواتها المسلحة على الأرض العراقية

تخترق السيادة الوطنية وأنّه مسؤول عن مقتل القائدين المرحومين أبي مهدي المهندس وقاسم سليماني في عملية الطائرات المسيرة قرب مطار بغداد، وقد جرى التعبير عن رفض لقاء صالح – ترامب بمواقف عدة أبرزها إعلان مسؤولي بعض منظمات الحشد الشعبي بأنهم لن يسمحوا للرئيس العراقي، عند عودته، بالنزول في بغداد بل حتى (عدم بقائه) 
فيها.
أمّا الرأي الآخر المختلف مع هذا الرأي فهو الذي يرى أنّ من واجب الرئيس وحقه الدستوري ممارسة حقّه في اللقاء مع رؤساء دول العالم بصرف النظر عن سياستهم وتصرفاتهم، وإذا كان لأيٍّ منهم تصرفات وسياسات مرفوضة وغير مقبولة تجاه العراق، كما يرى هؤلاء، فإن مساءلة ومحاسبة رئيس تلك الدولة ورئيس جمهورية العراق لا بد أن يتم وفق الأصول والقوانين والأعراف الدستورية، غير أنّ ما حصل هو خلاف ذلك كما يرى أصحاب هذا 
الراي.
وفي الواقع، إذا كان الدستور يسمح لأيّ فرد أو كيان سياسي أو مسلح أن يعبر عن رأيه بأيّة قضية أو حدث يرونه مهماً، فإن ذلك يتطلب الشرح والتوضيح وبيان الأسباب الموجبة، إضافة، وهذا مهم، لمراعاة الأصول والقواعد الدستورية والقوانين السائدة بما لا يضر، في المحصّلة، بالمصالح الوطنية 
للعراق.
ويعتقد رئيس الجمهورية، برهم صالح، أن قبوله الدعوة الموجهة إليه، كرئيس للعراق، لحضور مؤتمر دافوس ودعوة الرئيس الأميركي للاجتماع به على هامش هذا المؤتمر إنّما تستند، حسب رأيه وقناعته، الى المادة (67) من الدستور العراقي التي تنص على أن رئيس الجمهورية (هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، يمثل سيادة البلاد ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور والمحافظة على استقلال العراق وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام هذا 
الدستور).
والسؤال الذي يطرح هنا هو: هل إن قبول الرئيس صالح المشاركة بمؤتمر دافوس واللقاء بالرئيس الأميركي ترامب يشكّل خرقاً وتجاوزاً لهذه المادة 
الدستورية؟
 إنّ النظرة الأولى الواقعية والمنصفة لموقف الرئيس العراقي تقول غير ذلك، ومهما كان رأي أو موقف أيّ انسان فرد أو جماعة، ولهذا السبب أو ذاك، من الرئيس العراقي فلا يمكن أن يغمط حقه في التصرف، بما يراه مناسباً وصحيحاً وفق ما منحه له الدستور من 
صلاحيات.
لقد عبرت مشاركة الرئيس صالح بهذا المؤتمر، التي هيّأت له أجراء العديد من اللقاءات المفيدة مع عدد من زعماء الدول واللقاء مع بابا الفاتيكان، وكذلك تصريحاته في وسائل الإعلام، مكاسب مهمة وكبيرة في مصلحة العراق الذي يتطلع دائماً إلى المزيد من الدعم والتأييد 
الدوليين. 
أمّا عن لقائه الرئيس الأميركي الذي لا تختلف نظرته الى سياساته ومواقفه عمّا يراه معظم العراقيين، لكن ذلك لم يمنعه من تقدير أهمية الاجتماع معه وطرح كل وجهات النظر العراقية المختلفة والمنتقدة لتلك السياسات لكي يعرفها جيداً وجهاً لوجه كما يقال وليس عبر الإعلام والتصريحات و التهديدات غير المجدية، إن لم نقل 
المضرّة .
 
لقد أكّد الرئيس العراقي خلال اجتماعه مع الرئيس الأميركي على ضرورة (تدارس وجود القوات الأجنبية وتخفيضها في البلاد، وأهمية احترام مطالب الشعب العراقي في الحفاظ على السيادة الوطنية وتأمين الأمن والاستقرار)، وكذلك (حرص العراق على إقامة علاقات متوازنة مع جميع الأصدقاء والحلفاء بما يعزز سيادته واحترام قراره 
المستقل).
 أمّا الرئيس الأميركي فقد أكّد لنظيره صالح على (دعم بلاده استقرار العراق وحرصها على توثيق العلاقات المشتركة وتوسيع حجم التعاون بين البلدين بما يخدم مصلحة الشعبين، إضافة لتثمين الدور المحوري للعراق في
 المنطقة).
وبالطبع فإن الأجواء الإيجابية التي سادت اجتماع الرئيسيين يمكن أن تحد او تمنع من تصعيد التوتر الحاصل بينهما، بل تساهم في استبعاد إمكانية فرض عقوبات خطيرة على العراق كما هدّد الرئيس الأميركي أكثر من مرة ما لم تحل المشاكل بين البلدين بالحوار والتفاهم والمفاوضات 
البناءة.