البُعد الاقتصادي في توطين الرواتب

اقتصادية 2020/01/29
...

د. باسم الابراهيمي
 
يهدف مشروع توطين الرواتب الذي يعمل البنك المركزي على تنفيذه بشكل رئيس الى نقل المعاملات النقديّة الى العصر الالكتروني، وهذا المشروع ينفذ استنادا الى قرار صدر من مجلس الوزراء قبل عامين بهذا الخصوص ليتكامل مع مجموعة من الاجراءات التي نجح البنك المركزي خلال الاعوام السابقة في تحقيقها، فهل نجح المشروع في الوصول الى غايته؟ وما الذي تحقق منه حتى الان؟
المشروع تضمن فتح حسابات لموظفي الوزارات والمؤسسات الحكومية كافة في المصارف، ويكون البنك المركزي هو الضامن لهذه الرواتب، وذلك في اطار تعزيز الشمول المالي وتعميم الخدمات المصرفية الى جميع شرائح المجتمع، الامر الذي ينهي مخاطر السرقة والضياع والتزوير والتلف عند تسلّم الرواتب او استخدام العملة في سياق وظيفة تسوية المعاملات والالتزامات المتقابلة. 
لقد تم تطبيق المرحلة الاولى بنجاح من خلال توطين رواتب موظفي البنك المركزي عبر عدد من المصارف التي تم اختيارها وفقا لمجموعة من المعايير للتقييم الفني والمالي وفق الخدمات التي ستقدمها للموظفين وبشفافية عالية، تم بعدها توقيع عقد بين المركزي والمصارف المختارة لأخذ الضمانات المناسبة للتوطين، إذ تم اصدار بطاقات مصرفية مرتبطة بحسابات الموظفين، وكذلك الامر بما يتعلق برواتب موظفي العديد من الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والتي تمثل المرحلة الثانية للمشروع.
المشروع لايزال قيد التنفيذ وقد تمت الافادة من الملاحظات التي ظهرت اثناء تطبيقه خلال المرحلة الماضية والعمل على تجاوزها، ومن المؤمل مع انتهائه ان نصل الى جملة من الابعاد الاقتصادية المهمة التي من ابرزها تعزيز الشمول المالي وتوسيع نطاق الخدمات المالية، فاذا ما أخذنا بنظر الاعتبار عدد الموظفين الذي يناهز اربعة ملايين تقريبا فضلا عن حجم الأسر التي يشكّلونها فإنّ المصارف ستتعامل مع أكثر من عشرين مليونا 
تقريبا. 
وفي المقابل فإنّ المصارف ستتحصل على مبالغ كبيرة يجري الافادة منها عبر تعزيز سيولتها، إلّا أنّ الشيء المهم هو قيام المصارف بإعادة تقديم هذه السيولة في قنوات ائتمانية لصالح المشاريع الانتاجية بما يسهم في تعزيز دورة الاعمال التجارية، فضلا عن تنويع استثماراتها في عدد من القطاعات وتحريك عجلة الاقتصاد، لا سيما في هذه المرحلة التي شهدت دعما كبيرا للمنتج المحلي.