بعد الحملات الوطنيّة التي أطلقت لدعم المنتج الوطني العراقي بدأت الأسواق المحليّة تشهد إقبالا واسعا على شراء المنتجات الصناعية المحلية، فضلا عن أنّها شجّعت المنتجين على زيادة انتاجهم، فيما يرى خبراء مختصّون بالشأن الصناعي ضرورة دعم المنتج الصناعي من خلال تشريع القوانين ومنح
القروض الميسرة، لافتين الى ان هناك مميزات تجعل المستهلك العراقي يفضل المنتج الوطني على المستورد. ويقول رئيس التجمع الصناعي العراقي السابق الخبير الاقتصادي عبد الحسن الشمري في تصريح خاص لـ "الصباح": ان "الحملات الوطنية التي أطلقت مؤخرا لدعم المنتج الوطني، شجعت اصحاب الورش الصناعية الصغيرة وكذلك المعامل الصناعية الى زيادة انتاجهم وتحسين نوعية منتجاتهم، رغم قلة الدعم الحكومي الذي يلاقونه"، لافتا الى ان "المنتج العراقي يتمتع بمميزات كبيرة تجعل قيمته الغذائية أعلى من المستورد".
أسواق المنطقة
أضاف أنّ "المنتج الغذائي المستورد يحمل كميات كبيرة من المواد الكيمياوية الحافظة التي تسبّب الامراض وغيرها، بينما المنتج العراقي يخلو من هذه المواد، ما يجعل قيمته الغذائية عالية جدا"، لافتا الى ان "المنتج العراقي كان في السابق مفضلا من قبل العراقيين ودول المنطقة، ويصدر العراق المنتجات الغذائية الى دول الخليج وغيرها من اسواق المنطقة والعالم".
وأوضح أنّ "المنتج الصناعي العراقي سواء كان يتعلق بالمنتجات الغذائية او المعدنية وغيرها تعد من أجود انواع المنتجات، لكنه يحتاج الى المزيد من الدعم الحكومي لخلق ثورة صناعية اقتصادية كبيرة في البلد"، لافتا الى ان "دعم الصناعة الوطنية يحتاج الى تشريعات قانونية تتمثل بتفعيل قانون حماية المستهلك وحماية المنتج الوطني والتعريفة الجمركية" .
رسوم جمركيّة
شدد الشمري على "ضرورة فرض رسوم جمركية على المنتجات المستوردة التي تنتج مماثلة لها في العراق، من اجل تشجيع المنتجين العراقيين على زيادة منتجاتهم وتنويعها وتطويرها"، لافتا الى ان الصناعة العراقية تعد من اجود انواع الصناعات في المنطقة.
وأكد ضرورة "الاهتمام بقانون حماية المستهلك وتفعيله على ارض الواقع"، لافتا الى ان "هناك دولا استحدثت وزارات خاصة بحماية المنتج الوطني وكذلك المستهلك".
واشار الى ان "هذه الحملات الوطنية أسهمت وبشكل فاعل بالنهوض بالقطاع الصناعي في الفترة الأخيرة، من خلال طرح منتجات صناعية فعلية في الاسواق المحلية".
النهوض بالصناعة
من جهته، قال الخبير الصناعي علي عبدالله السالم في تصريح خاص لـ "الصباح": ان "الاسواق المحلية تشهد اقبالا واسعا من المشترين للمنتجات العراقية، لاسيما بعد الحملات الوطنية التي اطلقت مؤخرا لدعم المنتج الوطني"، لافتا الى ان "هناك اصرارا وتحفيزا من قبل المواطنين على شراء المنتج الوطني بهدف دعمه والنهوض بالصناعة العراقية".
واضاف ان "الصناعة العراقية تعرضت الى الاهمال لسنوات عدة، وحان الاوان للنهوض بها من خلال تشريع القوانين ومنح القروض الميسرة التي تساعد الصناعيين على اعادة تفعيل صناعاتهم ومعاملهم المتوقفة وكذلك تشجع لإنشاء مصانع جديدة ومتنوعة في البلد".
واشار الى ان "النهوض بالصناعة الوطنية سيسهم بتعزيز التنمية الاقتصادية في البلد من خلال توفير العملة الصعبة التي تذهب الى المستورد، وكذلك ستوفر فرص عمل للعاطلين"، مبيّنا أنّ "اعدادا كبيرة من الخريجين يتحولون سنويا الى فئة عاطلة عن العمل، فيمكن تشغيلهم عن طريق انشاء مشاريع صناعية منتجة"، مبيّنا ان العراق يستورد ما قيمته 34 مليار دولار سنويا من عدد من الدول تأتي الصين في المرتبة الأولى تليها إيران ومن ثمّ تركيا بحسب احصائيات وزارة التخطيط.
كلفة الانتاج
تابع: "عادة كلفة الانتاج المحلي تكون عالية بسبب ارتفاع اسعار المواد الاولية، وكذلك ارتفاع مستوى رواتب العاملين، على عكس المنتجات المستوردة حيث اغلبها تكون كلفة انتاجها قليلة مما يجعل سعر المستورد اقل من المحلي، وهذا يتطلب من الحكومة العراقية فرض رسوم عالية على المنتج المستورد لتوفير الحماية اللازمة للمنتج المحلي".
وبدأت الصناعة المحلية تنهض من جديد من خلال اعادة تشغيل المصانع والورش والمعامل الانتاجية التي توقفت بعد عام 2003، ويأتي هذا بعد الحملات الوطنية التي اطلقها المتظاهرون في ساحات الاعتصام والناشطون المدنيون عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك بعض وسائل الاعلام المحلية.
خطوة صناعيّة
يذكر أن أول معمل نسيج أنشأ عام 1864 والذي أنشأه نامق باشا والي بغداد وقد أطلق البغداديون على هذا المعمل اسم العباخانة أو القاطرخانة وبه عرفت المحلة المحيطة به، وكان ينتج المعمل بعض الألبسة والخيام لسد احتياجات الجيش العثماني وكان يدار بقوة البخار وعند مجيء الوالي مدحت باشا قام بتطويره وتوسيعه إذ أصبح ينتج ثلاثمئة متر من الأقمشة الصوفية، وأربعمئة متر من الأقمشة القطنية السميكة، ثم تحول المعمل إلى محطة كهرباء بغداد.
كما أن أول معمل للألبان في العراق أنشئ عام 1960 ضمن خطة مجلس الاعمار، وبدأ إنتاجه عام 1962 واشتهر شهرة كبيرة وخاصة الحليب المعقّم.