الأحداث كثيرة في العراق أبرزها التظاهرات التي يشهدها البلد منذ أكثر من مئة يوم وتزداد يوماً بعد آخر من دون أنْ نجد ما يوحي أنها ستنتهي وتعود الحياة الطبيعيَّة للكثير من المدن العراقيَّة والسبب في ذلك ليس في المتظاهر العراقي بل في القوى السياسيَّة التي لم تتفق بعد من يشكل الحكومة القادمة لتنهي ملف الحكومة الحالية التي أخذت لقب (حكومة تصريف أعمال) من فترة ليست بالقصيرة وهو ما يعني أنها حكومة لا تمتلك الكثير من الصلاحيات وأهمها تقديم الموازنة الاتحادية للبرلمان من أجل إقرارها، ومعالجة الملف الأمني وحماية البعثات الدبلوماسيَّة التي أكدت 16 دولة لها تمثيلٌ دبلوماسيٌّ في العراق رفضها لحالات القتل والخطف التي يتعرض لها المتظاهر العراقي، ناهيك عن القصف المستمر للمنطقة الخضراء التي تحوي عدداً كبيراً من السفارات ومنها بالتأكيد السفارة الأميركيَّة التي تعرضت لأكثر من عملية استهداف في الأسابيع القليلة
الماضية.
مضافاً لذلك كله محاولة إحياء مشروع بايدن لتقسيم العراق حتى وإنْ كانت بطريقة ناعمة عبر الفيدراليات أو الأقاليم ورغم نفي جميع القوى السياسيَّة لهذه الأخبار لكن مجرد تداولها أو الترويج لها يشكل رغبة وإنْ كانت مخفيَّة في تحريك هذا الملف كورقة رابحة في ظل ما نعيشه الآن.
وهذا ما يجعلنا نقول إنَّ وضع العراق الآن مقلقٌ جداً سواء للمواطن العراقي أو حتى لشركات النفط العاملة في البلد وحتى للبعثات الدبلوماسيَّة التي ربما تفضل الكثير منها نقل مقراتها القنصلية إلى أربيل أو حتى خارج العراق وهو ما يعني نوعاً من العزلة قد يتعرض لها البلد في الأسابيع والأشهر القريبة إذا ما ظل الوضع على ما هو عليه.
ربما البعض لا يدرك المخاطر التي يتعرض لها البلد الآن وما يمكن أنْ يتعرض لها مستقبلاً ما لم تكن هناك حلولٌ سريعة وجديَّة وعمليَّة وأهمها بالتأكيد تسمية رئيس الوزراء ومنحه حرية اختيار الكابينة الوزاريَّة بعيداً عن ضغوطات القوى السياسيَّة، لا سيما أنَّ الجميع يعرف أنَّ الحكومة المقبلة مهمتها الرئيسة التهيئة للانتخابات القادمة سواء كانت مبكرة أو في موعدها وهي فترة ليست بالطويلة
من جهة.
ومن جهة ثانية إنَّ العراق يحتاج للاستقرار أكثر من حاجته للفوضى التي يسعى البعض لها من أجل الهروب من الحلول التي نجد أنَّ غيابها أو تغييبها من قبل البعض يجعل الشارع العراقي أكثر غلياناً يوماً بعد آخر وهذا ما لمسناه في الأسابيع القليلة الماضية وما شهدته محافظات العراق خاصة في الجنوب من تظاهرات كبيرة وحاشدة مثلت حالة جديدة في العلاقة بين الشارع العراقي والقوى السياسيَّة التي عليها أنْ تعرف جيداً أنَّ كسب الشارع العراقي لم يعد سهلاً وليست الوعود التي تطلق كافية لإقناعه بقدر ما أنَّ هذا الشارع يريد أفعالاً حقيقيَّة ملموسة على أرض
الواقع.