طرق تفاعل الأسواق العالميَّة عند تفشي الفيروسات والأمراض

اقتصادية 2020/01/31
...

عواصم/ متابعة
 
27 يوماً كانت شاهداً على مستجدات عدة بشأن فيروس "كورونا" مع حقيقة تفشي المرض داخل وخارج الصين، لكنْ من الناحية التاريخيَّة، كيف يكون أداء الأسواق والاقتصاد في في أوقات انتشار الأوبئة؟ في وقت يتفاعل فيه المستثمرون مؤخراً مع التحديثات المتعلقة بانتشار المرض شبيه الالتهاب الرئوي، إذ تتوالى الأنباء حول إعلان حالات مصابة بالكورونا.يقول كبير ستراتيجيي الاستثمار العالمي في تشارلز شواب "جيفري كلينتوب" في مذكرة نقلها موقع "ماركت ووتش":
 إنَّ "هناك مخاوف من أنَّ فيروس كورونا قد ينتشر سريعاً داخل الصين وخارجها، الأمر الذي قد يخلف أضراراً اقتصاديَّة وعلى الأسواق".
 
نشأة الفيروس
اكتشف فيروس "كورونا" لأول مرة في 31 كانون الأول الماضي في مدينة عاصمة مقاطعة هوبي الصينيَّة "ووهان"، لكنه امتد إلى مدن رئيسة أخرى.
وتوفي 81 شخصاً داخل الصين حتى الآن إثر الفيروس سريع الانتشار، مع حقيقة إصابة نحو 2861 شخصاً داخل البلاد، كما امتد المرض خارج الصين لدول مثل الولايات المتحدة واليابان وهونغ كونغ وغيرها.
وفي نهاية المطاف، فإنَّ شدة الفيروس سوف تحدد رد فعل الأسواق، إذ إنَّ نجاح المؤشرات في التغلب على العدوى من تفشي المرض في الماضي لا تعني أنَّ هذا سيكون الحال هذه المرة.
وكتب رئيس والمدير المالي لشركة "كمبرلاند" للاستشارات "ديفيد كوتوك" خلال مذكرة بحثيَّة أنَّ الأمراض المعدية والأوبئة ذات عواقب على الأسواق كما تزيد من المخاطر ويمكن أن تكون مميتة".
وتابع: "الصدمات الخارجيَّة يمكن أنْ تعرقل الاتجاهات الاقتصاديَّة وتغير معنويات السوق بشكل مفاجئ، فليس جميع المخاطر تكمن في السياسة الاقتصاديَّة أو النقديَّة".
 
الأسهم الصينيَّة
في العام 2003، بينما كانت السلطات الصينيَّة تكافح لمواجهة فيروس "السارس"، فإنَّ مؤشر "إم.إس.سي.آي" للأسهم الصينيَّة تراجع بأكثر من 10 بالمئة.
وكان مرض السارس أسفر عن إصابة نحو 8100 شخص بالفيروس خلال انتشاره ذاك العام، مع وفاة 774 شخصاً، وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالميَّة ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية.
لكنَّ الضرر الاقتصادي الناجم عن مرض السارس كان أكثر استدامة، طبقاً لدراسة أجراها خبراء الاقتصاد "جونج وها لي" من جامعة كوريا و"وارويك ماكيبين" من الجامعة الوطنيَّة الأستراليَّة.
وقالوا خلال ورقة بحثيَّة نشرت عام 2004، إنَّ الفيروس سريع الانتشار تسبب في محو ما يزيد على 1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للصين و2.6 بالمئة من النمو الاقتصادي لهونغ كونغ.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال ذروة انتشار فيروس "السارس" في الفترة من كانون الأول 2002 وحتى نيسان 2003، انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز" بنحو 8.3 بالمئة، كما أنَّ الأسهم ذات الصلة بالإنفاق التقديري والأسواق الناشئة (وخاصةً الصين) سجلت أداءً ضعيفاً في مقابل قفزة 4.8 بالمئة في أسعار الذهب.
 
تعافي الأسواق
لكنَّ الأسواق تعافت سريعاً، بالتزامن مع السيطرة على السارس، الأمر الذي يشير إلى أنه في معظم الحالات يكون أيّ ضرر مالي قصير الأجل، كما كتب كبير خبراء اقتصاد السوق في "كابيتال إيكونوميكس" في لندن "أوليفر جونز" خلال مذكرة نقلتها "واشنطن بوست".
وبالنظر إلى الولايات المتحدة، التي أبلغت عن ظهور حالتين مصابتين بالمرض في 2020، نجد أنَّ "وول ستريت" تتفاعل تاريخياً مع مثل الأمراض المتفشية وسريعة الانتشار.
ووفقاً لبيانات "داو جونز" للسوق، فإنَّ مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" سجل مكاسب بنحو 14.59 بالمئة بعد أول ظهور لمرض "السارس" في عامي 2002 و2003، بناءً على أداء المؤشر في الستة أشهر المنتهية في شهر نيسان 2003 لكنَّ صعوده بلغ 20.76 بالمئة في الإثني عشر شهراً المنتهية في الشهر ذاته.
وبشكل منفصل، ارتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنحو 11.66 بالمئة في الستة أشهر التالية لإعلان فيروس "أنفلونزا الطيور" عام 2006.
لكنَّ مكاسب المؤشر الأميركي الأوسع نطاقاً بلغت 18.36 بالمئة في غضون الإثني عشر شهراً المنتهية في حزيران
 2006.
 
أداء الأسهم
تتشابه البيانات المذكورة بشأن أداء الأسهم في جميع أنحاء العالم بناءً على بيانات "تشارلز شواب"، إذ إنَّ مؤشر "إم.إس.سي.آي" والذي يتبع الأسهم العالميَّة، ارتفع بنحو 0.4 بالمئة في المتوسط بعد شهر من حدوث الوباء و3.1 بالمئة في غضون الستة أشهر التالية و8.5 بالمئة بعد عام.
وفي العام 2014، أدى تفشي فيروس إيبولا في غرب إفريقيا إلى توقف الأسهم الأميركيَّة عن مسارها مع قلق المستثمرين بشأن التأثير السلبي في إنفاق المستهلكين، إذ انخفض مؤشر "داو جونز" نحو 7 بالمئة في الفترة بين منتصف أيلول الماضي ومنتصف تشرين الأول من العام ذاته.
وفي ما يتعلق بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسيَّة، فإنه أثار فزع المستثمرين بداية من أواخر 2012.
وفي الفترة من 1 تشرين الثاني 2012 وحتى 1 كانون الأول عام 2012، تراجع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنحو 0.8 بالمئة في حين إنَّ أسعار الذهب ارتفعت 0.5 بالمئة.
لكنَّ المؤشر الأوسع نطاقاً سرعان ما تعافى من الخسائر بسرعة أكبر بكثير، إذ ربح 15.1 بالمئة خلال الستة أشهر التالية.
ويتزامن انتشار فيروس العام الحالي مع عطلة السنة القمريَّة الجديدة في البلاد، والتي تتسم في العادة برحلات السفر والترفيه وزيادة الاستهلاك من جانب الشعب الصيني.
ويقول المحللون في "ويلز فارجز" للأوراق الماليَّة خلال تقرير بقيادة "جاي برايسون" إنَّ الاحتفال بالعام القمري الجديدة يمكن أنْ يزيد من انتشار الفيروس وكذلك من التأثير الاقتصادي.
وأضاف محللو ويلز فارجو أنه حال استخدام وباء "السارس" كدليل، فإنَّ الأثر الاقتصادي من فيروس الكورونا الحالي مع ذلك من المرجح أن تكون مؤقتة.