تنشيط القطاع المصرفي الخاص

اقتصادية 2020/01/31
...

ثامر الهيمص
 
الرؤية الاقتصادية المنشورة في 15/ 1/ 2020 كما تناولها الخبير المصرفي سمير النصيري، وكما يراها القطاع المصرفي الخاص لعامنا هذا، غطت هموم هذا القطاع الذي من المفترض أنْ يكون الفاعل الأساس في العمل المصرفي عموماً.
فرغم مرور أكثر من 15 عاماً ورغم وصول عدد المصارف الخاصة الى 84 مصرفاً بين إسلامي وأجنبي وتقليدي، إلا أنَّ حصة الجميع من الودائع المصرفية 14 بالمئة والباقي للقطاع العام المصرفي.
لا شك أنَّ هذا الأداء المحدود له عوامله الموضوعيَّة التي حالت دون سعي القطاع المصرفي الخاص، ولنبدأ من أعلى السلم، فهذا القطاع لم يشكل لوبياً برلمانياً ضاغطاً لتفعيل قرارات ثمانية لصالحه صادرة من مجلس الوزراء واللجنة الاقتصادية منذ 2015 رغم وجود برلمانيين مصرفيين لم نسمع لهم صوتاً في هذا الاتجاه؛ أي تفعيل القرارات الثمانية كما ذكرها صاحب الرؤية.
مصارف القطاع الخاص لم يكن لها تحركٌ مشهودٌ في كيفيَّة تحويل المكتنز من العملة البالغة أكثر من 70 بالمئة من إجمالي الكتلة النقديَّة الى ادخار لديهم، كما لم نلمس من الـ 84 مصرفاً بفروعها ونسبة ودائعها دوراً في الاستثمار، بقدر سعيهم في سوق العملة أو المطالبة بتوطين الرواتب وإلزام الوزارات بفتح حسابات مصرفيَّة لدوائر الدولة واعتبار ديونهم سياديَّة.
وهنا نقول بالنسبة لقانون الاستثمار الصادر منذ 2013 كان على الأقل التحرك نحو القطاع المختلط الذي لا ننسى أنه حقق نجاحات كبيرة في وقته، وكذا الحال في القطاع الزراعي، إذ ترك أمره للحكومة ومصارفها من دون أي تنافس معها، كما لا يفوتنا التحرك على المشاريع المتوقفة حكوميَّة كانت أو أهلية، فضلاً عن السكن رغم مضمونيته لكن كان التحرك محدوداً.
ترى ما هي العوامل الموضوعيَّة بعد غياب الدور البرلماني في هذا الميدان؟
لا بدَّ أنَّ المصارف الأسريَّة عموماً تفتقر للمؤسساتيَّة من حيث الملاكات أو العلاقة مع المصارف بعقلية الحوكمة، ربما لضعف الشفافية في علاقاتهم. وربما إنَّ هذه المصارف أغلبها تأسسس بعد 2003 أي في زمن الانفتاح التجاري وتبعاته وقلة المخاطرة في عمليات التحويل الخارجي للتجارة الحرة تماماً وما ينشأ على هامشها من تهريبٍ لدى بعضهم، ولذلك ربما لا نجد مصرفاً أهلياً أو مصارف مؤتلفة للإسكان أو في الصناعة بقطاعاتها الثلاثة العام والخاص والمختلط.
أما إنَّ المصارف لديها ديون ستة ترليونات دينار يصعب استرجاعها قضائياً فهذا قد يكون للجوانب الأمنية حصة الأسد فيه أو سوء التعاطي في عملية الإقراض، وبذلك تصبح المطالبة باعتبارها ديوناً سياديَّة أمراً وطنياً يستوي مع أي عمل وطني سيادي، ولنتخلص نهائياً من الائتمان المتعثر، ولكن لا يعني مسؤولية الحكومة أولاً عن أخطاء ومشكلات خطابات الضمان مثلاً.
ولكي ننطلق في إحياء المليون دونم كأرضٍ بكر بتضافر مصارفنا الأهلية وهكذا في الإسكان والصناعة وفي ظل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتجربة القطاع المختلط ما زالت شاخصة نستطيع البناء عليها كتجربة وتراث.
ولكن بعد فطم بعض المصارف الأهليَّة من سوق العملة ولجم الانفلات الاستيرادي بما يواكب هذه العملية لتتجه الجهود المالية نحوها ولتجف العمليات من تهريب عملة لتزدهر بلدنا بأموالنا وشراكاتنا الداخليَّة كقاعدة ذهبيَّة.