اجتماعات عربية - إسلامية طارئة لبحث تداعيات صفقة القرن

قضايا عربية ودولية 2020/01/31
...

عواصم / وكالات
اسطنبول / فراس سعدون
بروكسل /   كاظم الحناوي
بينما يستعد وزراء الخارجية العرب لعقد اجتماعهم تحت قبة الجامعة العربية اليوم السبت لبيان الموقف العربي من صفقة القرن، تعقد منظمة التعاون الإسلامي اجتماعا مماثلا على مستوى وزراء الخارجية بعد غد الاثنين بشأن القضية نفسها، وفي وقت طالب فيه 133 برلمانياً بريطانياً برفضها؛ وصفتها صحيفة "الغارديان" بأنها "احتيال" وليست "صفقة".وأكدت منظمة التعاون الإسلامي في بيان، أن أساس حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي "لابد أن يكون بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية".
وجدد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف بن أحمد العثيمين، التزام المنظمة المبدئي ودعمها الثابت للجهود الدولية الرامية لتحقيق السلام القائم على رؤية حل الدولتين، وفقاً للمرجعيات الدولية المتفق عليها، بما يؤدي إلى تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الوطنية المشروعة، والوصول إلى سلام عادل وشامل.
وشدد الأمين العام للمنظمة، على أن مدينة القدس الشريف، بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، هي جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، وأن المساس بالوضع القائم التاريخي والقانوني والسياسي لمدينة القدس الشريف يعد انتهاكاً للمواثيق الدولية.
   
برلمانيو بريطانيا
الى ذلك، وقع 133 عضوا في البرلمان البريطاني على رسالة، طالبوا فيها رئيس الوزراء بوريس جونسون برفض "صفقة القرن".  
وأعرب النواب في رسالتهم التي وجهوها لجونسون، عن "شديد الأسف تجاه مضمون صفقة القرن، حيث إنها تضرب بعرض الحائط الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني والقانون الدولي، ولا توفر أي أساس منطقي للعودة للمفاوضات، وتقلل من فرص السلام وتهدد بتجاوز ركن أساسي من أساسيات النظام القانوني الدولي".
ودعا موقعو الرسالة بضرورة تمسك "المملكة المتحدة بموقفها الراسخ من أن التوصل إلى اتفاق سلام يجب أن يضمن حلا يستند إلى دولتين بالاستناد إلى حدود عام 1967، بما يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة إلى جانب اسرائيل، وبما يضمن أن تكون القدس عاصمة مشتركة لكلا الشعبين، وهو ما لا يتوفر في الرؤية التي أعلنها الرئيس الأميركي".
وشددوا على أن إعلان "الصفقة" يأتي في "وقت تزداد فيه معاناة الفلسطينيين بفعل عمليات الهدم الإسرائيلية لمنازل الفلسطينيين الأمر الذي يؤدي إلى تشريد اسر بأكملها، كما تمنع إسرائيل الفلسطينيين في غزة من الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والتعليم".  
وكانت رئاسة الوزراء البريطانية قد أعلنت في وقت سابق أن الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط "قد تكون خطوة إيجابية". 
 
انتقادات لاذعة
وواصلت الصحف البريطانية بيان موقفها إزاء ما يسمى بـ "صفقة القرن"، وتناولتها بالتحليل والنقد، سواء في افتتاحيات بعضها، أو عبر مقالات وتقارير مختلفة، في البعض الآخر، وذلك في نسخها الورقية والرقمية على حد سواء. 
وعنونت جريدة "الغارديان" للافتتاحية في نسختها الرقمية قائلة: "خطة ترامب للسلام: احتيال وليست صفقة"، بينما عنونت في النسخة الورقية قائلة "ترامب ونتنياهو يساعدان نفسيهما.. لا عملية السلام".
تقول الجريدة: إن "خطة سلام ترامب تعتمد بشكل غريب على قبول الفلسطينيين دولة بالاسم فقط"، مضيفة أنه "منذ مفاوضات أوسلو للسلام عام 1993 كانت الآمال كبيرة في أن يتم تأسيس الدولة الفلسطينية على أغلب أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية لكن خطة ترامب تنكرت لكل ذلك وقلصت حجم الدولة الفلسطينية وشوهتها بحيث لم يعد لها فرصة للوجود".
وتؤكد "الغارديان"، أن الخطة "تتضمن وضع عوائق لمنع الفلسطينيين من المطالبة بالعدالة في مواجهة جرائم الحرب التي ارتكبت بحقهم ولاتزال ترتكب حتى الآن، بينما يسعى ترامب الذي يصف نفسه بأنه صانع صفقات ليعرض على الفلسطينيين 50 مليار دولار كاستثمارات في مقابل تخليهم عن حقوقهم المدنية وعن حقهم في وطن، لكن الفلسطينيين يرون رجلا محتالا لا رغبة لديه لتقديم شيء سوى وعود فارغة".
وتضيف، "هذه الصفقة تعبير عن رغبات المتطرفين في الولايات المتحدة وإسرائيل وهي تنهي بالفعل أي أمل في أن يلعب ترامب دور الوسيط في الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين".  
بينما نشرت "الاندبندنت أونلاين" مقالا لمايا إيلاني نائبة مدير حركة (يشاد) اليهودية البريطانية المناصرة لحل الدولتين بعنوان: "لا شيء مؤيد لإسرائيل في خطة ترامب للسلام".
تقول إيلاني: إن "الخطة بالاسم فقط تؤيد مبدأ حل الدولتين، لكن في الواقع فإن أغلب المحللين المحافظين يؤكدون أنها أفضل خطة سلام كان يمكن أن تحلم بها إسرائيل".
وتضيف، أن "الخطة تستقطع ثلث الضفة الغربية وتمنحها لإسرائيل تاركة الفلسطينيين يعيشون في مجموعة من الجزر المنعزلة وسط بحر من الأراضي الإسرائيلية". وأنها "لا تشكل خطة طريق للسلام إنما وسيلة إلهاء وصرف انتباه مثالية لخدمة رئيس أميركي يواجه محاكمة برلمانية بهدف عزله ورئيس وزراء لإسرائيل يواجه اتهامات خطيرة بالفساد".وتسعى إيلاني لتوضيح أسباب معارضتها للخطة مشيرة إلى أن ترامب أعطى مباركته لتدشين سياسة متفجرة ليس لها تأييد حتى داخل المجتمع الإسرائيلي فالخطة تمنح إسرائيل أراضي لم يطالب بها أحد قط في الضفة الغربية حيث يعيش أقل من 5 بالمئة من الإسرائيليين خارج الخط الأخضر".
وتوضح إيلاني، أن "استطلاعات الرأي في إسرائيل تؤكد أن أغلب المواطنين لا يرغبون ولا يتطلعون إلى ضم أراض جديدة، بينما خطة ترامب ستضع أعباء عسكرية لانهاية لها على جيل الشباب في إسرائيل لبقية عمرهم، وهذا هو السبب في أن أغلب المواطنين لا يؤيدون الحركة الاستيطانية التوسعية ويساندون حل الدولتين".بدورها نشرت "الديلي تليغراف" تقريرا بعنوان "الفلسطينيون معزولون دبلوماسيا وسط دول عربية مرحبة بخطة ترامب".يقول التقرير: إنه "بينما كانت الفصائل الفلسطينية المتصارعة متوحدة في مواجهة خطة ترامب لم يجدوا إلا القليل من الدعم من حلفائهم العرب حيث رحبت السعودية والإمارات بحذر بخطة ترامب"، ويشير إلى ان "الإدانة الإقليمية جاءت من قبل تركيا وإيران وهما الدولتان المعروفتان بعدائهما لإسرائيل بشكل تقليدي، وعلى عكس السعودية والإمارات ليس لديهما حماس كبير لخطابات تصالحية مع ترامب".
 
"خدعة القرن"
الى ذلك، اعتبر مستشار المرشد الأعلى في إيران علي أكبر ولايتي، أن ما يسمى بـ"صفقة القرن" خطوة ستراتيجية أميركية تهدف لزعزعة الاستقرار في غرب آسيا، وأكد أن هذه الصفقة لن تؤتي أكلها أبدا.  
وذكرت وكالة "مهر" للأنباء أن مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، دان في بيان له ما سمي بـ "صفقة القرن"، وسماها "خدعة القرن" وقال إن: "ما سمي بصفقة القرن هو محاولة ستراتيجية أميركية لزعزعة الأمن في منطقة غرب آسيا، والتي تحمل بين طياتها رسائل خطيرة من ضمنها نقض قرارات مجلس الأمن الدولي والقوانين الدولية، وتعتبر خطرا صريحا لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة".
وجاء في البيان الصادر عن ولايتي: "صفقة القرن لن تؤتي أكلها أبدا، فمثلها كمثل التصريحات السابقة التي أدلى بها ترامب ولم تجن ثمارها على أرض الواقع، كالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب، والاعتراف بالجولان السوري المحتل كأراض تابعة لاسرائيل".
وتابع قائلا: "من النتائج التي ستترتب على صفقة القرن، وحدة الفصائل الفلسطينية، واتساع رقعة طلب الحق ورفض الظلم، وتطوير مادي ومعنوي في المقاومة  
 
موقف تركي
في السياق نفسه، واصلت المؤسسات والشخصيات التركية إدانة ورفض الخطة الأميركية المعروفة باسم صفقة القرن.  
وقال مجلس الأمن القومي التركي، في بيان: إن "خطة السلام الأميركية المزعومة تهدف إلى إضفاء الشرعية على سياسات الاحتلال والتدمير والقمع في فلسطين والقدس، مشددا على أن حل الصراع في الشرق الوسط لا يمكن أن يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، على أساس حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".وعلق الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، في حفل إعلامي بأنقرة، على صفقة القرن بالقول: "هذا مشروع احتلال، إن القدس ليست للبيع، ولا ينبغي لأحد أن يكون وقحا ليقول (نعطيكم شيئا، واتركوا لنا هذه المناطق)"، معتبرا القدس "خطا أحمر بالنسبة لنا".
 
تدخل مجلس الأمن
الى ذلك، ندد عدد من الاحزاب البلجيكية بخطة ترامب للسلام في الشرق الاوسط  وقال حزب المؤتمر الديمقراطي المسيحي: ان خطة السلام الأميركية الخاصة بالشرق الأوسط (صفقة القرن)، غير منصفة، وحث الحزب بلجيكا على مناقشة القضية في مجلس الأمن الدولي.
وعلق جورج دالمان ، رئيس العلاقات الخارجية في حزب مركز الديمقراطية الانساني قائلا : هذه الخطة المفروضة من جانب واحد وغير متكافئة هي صفعة حقيقية على وجه الفلسطينيين، وانها تنكر تطلعاتهم الأكثر شرعية، مضيفا ، أن هذه الخطة غير مقبولة.
ودعا الحزب بلجيكا، التي تتواجد حاليا في مجلس الأمن الدولي، إلى عرض القضية على المجلس، ورفضها الخطة والعودة إلى مبادئ اتفاقية أوسلو.
واشار الحزب إلى ان هذه المبادرة الجديدة للسياسة الخارجية الأميركية تظهر مرة أخرى الطبيعة غير المسؤولة للسياسة الخارجية الأحادية للولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب. 
 
صواريخ فلسطينية
على الأرض، أطلقت الفصائل الفلسطينية مساء أمس الأول الخميس، 3 صواريخ من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، ما أدى إلى تشغيل صفارات الإنذار في مستوطنات غلاف غزة، وسقط أحد الصواريخ في منطقة كلية "سابير" قرب مدينة سديروت، ما أسفر عن اندلاع حريق في المكان، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل بشأن الصاروخين الآخرين. 
في المقابل، اقتحمت الشرطة الإسرائيلية بأعداد كبيرة المسجد الأقصى، أمس الجمعة، وهاجمت المصلين أثناء خروجهم من الصلاة.
وكشفت وسائل الاعلام عن أن أكثر من 15 مصليا أصيبوا بالرصاص المطاطي في ساحات الأقصى، أحدهم أصيب في رأسه، كما اعتدت قوات الشرطة على المصلين عند أبواب المسجد، واعتقلت شابين عند باب "حطة".
ودفعت الشرطة الإسرائيلية بتعزيزات كبيرة واستنفرت قواتها في شارع المجاهدين، لمواجهة الحشود الكبيرة من الفلسطينيين في المسجد الأقصى في القدس المحتلة، وكذلك المسجد الإبراهيمي في الخليل، لأداء صلاة الفجر، ضمن حملة "الفجر العظيم"، وجمعة الغضب لمواجهة "صفقة القرن".