رحلات ومشاهدات حول العالم

ثقافة شعبية 2020/02/01
...

يسع محمد علي الاشيقر
 
لاشك ان كتب الرحلات من اهم المصادر التاريخية والجغرافية والمعرفية بشكل عام وجميل بالمرء ان يكتب مشاهداته العيانية لما يزوره من بقاع واصقاع بعدت أم قربت، مستوحياً الفكرة الرئيسة في ذلك .. هي ان ما يقدمه من فوائد ومعلومات مختلفة تقرب البعيد للمتلقي وهي من الخدمات الثقافية التي تتباين في مستوياتها العلمية والادبية المختلفة.
ان ادب الرحلات، ادب واسع، وأدب قديم،  لم تزل نصوصه جديرة بالقراءة والافادة منها للمقارنة التاريخية والجغرافية والاجتماعية، وحسبنا ان نذكر ما كتبه ابن جبير وابن بطوطة وماركوبولو ونيبور وسواهم من مشاهير الرحالين في التاريخ. ولاشك ان ذلك حكم عام على أدب الرحلات الذي ينطوي على عدد هائل من ما كتب بما يضمه من اساليب كتابية ومناهج للبحث و التقاط للمشاهد و المعالم 
و الاحداث.
والمكتبة العربية زاخرة بما عرفه العرب من ادب المذكرات منذ القدم، وفي الذاكرة الوثائقية العربية اسماء كبيرة كالسيرافي في رحلته السيرافي الى مجاهل المحيط الهندي في القرن الثالث الهجريب، والمقدسي صاحب (أحسن التقاسيم في معرفة الاقاليم) والادريسي في (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق)، والبيروني في رحلته الى الهند وسماها (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة)، والظريف فيها انه درس لغات الهند وقارنها بمعلوماته اللغوية المختلفة. ولا حاجة للحديث عن رحلتي ابن جبير الاندلسي في القرن السادس الهجري الى الشرق الاسلامي او رحلة ابن بطوطة التي بدأها من المغرب الى مكة المكرمة في القرن الثامن 
الهجري.
 
وفي العصر الحديث نرى ما كتبه في القرن التاسع عشر الميلادي عالم العراق الكبير ابو الثناء الالوسي في كتبه (نشوة الشمول) و (نشوة المرام) و (غرائب الاغتراب) او رحلات الطهطهاوي المصري الى اوروبا او مشاهدات احمد فارس الشدياق او المويلحي او الرحلات الشهيرة لأمين الريحاني وشكيب ارسلان وسواهم كثير.
هذه المقدمة الاستعراضية لأدب المذكرات في الفكر العربي وأهميته، إذ اصبحت بعض كتب المذكرات مصادر او مراجع لا يستغني عنها المؤرخون والجغرافيون، ومرت على ذهني وانا اطلع كتاب قيم تفضل باهدائه الاستاذ يسع محمد علي الاشيقر، وسمه باسم (رحلات ومشاهدات حول العالم) وهو الجزء الاول من سلسلة كتب الرحلات قام بها في اصقاع مختلفة من 
العالم.
والاجمل في الكتاب بهذه الطبعة
 الانيقة، الصور الذي ازدانت به في كل صفحاته تقريباً مما اضفى على الكتابه جمالا وتوثيقاً، وفي أغلبها يبدو المؤلف الفاضل يجوب المدن ويقف على معالمها المهمة وأحوال ساكنيها وطرائق الحياة 
فيها.في مقدمة الكتاب نجد بيتين من الشعر نسبا الى سيد البلغاء الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) في حث الناس على معرفة احوال الناس في الانحاء لما في ذلك من طلب للعلم و المعرفة:
 
تغرَّب عن الاوطانِ في طلبِ العُلى
وسافر ففي الاسفار خمس فوائدِ
تفرُّجُ همٍ واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجدِ
 
سار المؤلف على سنةِ أبيه المرحوم محمد علي الاشيقر وهو أديب كربلائي رحالة سجل لمشاهداته. في حب السفر و التطلع الى كتابة الرحلات منذ وقت مبكر من حياته (وهو في سن الخامسة عشرة) حتى وصل عدد الدول التي زارها وتفقد احوالها نحو (59) دولة. وفي هذا الجزء تحدث عن: استراليا، اليابان، كوريا، اندونيسيا، هونغ كونغ، تايوان، ماليزيا، الصين الشعبية، الهند، سيرلانكا، عُمان، البحرين،  دولة الامارات، الكويت، مصر، تركيا، جورجيا، ارمينيا، اذربيجان، ليتوانيا، لاتيفيا، استونيا، اوكرانيا، هنغاريا، التشيك، ايطاليا، الفاتيكان، هولندا، اسبانيا، فنلندا، النرويج، بلجيكا، فرنسا، كندا، 
وسيوسرا .
يتميز الكتاب بايجاز عباراته وتركيزه على المعالم الرئيسة لاسيما في عواصم تلك الدول ، ليكون مثل دليل جميل لسياحة عالمية غايتها المعرفة والاستطلاع وظاهرها التمتع بما اكرم به الله تعالى الانسان من جمال الطبيعة واختلاف الاذواق وتباين الثقافات.