يرى خبراء ومختصون في الشأن الاقتصادي، ضرورة تحقيق الاستقرار الأمني في المنطقة لضمان ديمومة واستقرار اقتصاديات دول المنطقة ومن ضمنها العراق، لافتين الى أنَّ التنمية الاقتصاديَّة تحتاج الى بيئة مستقرة آمنة، بينما حذروا من قلة الإمدادات النفطيَّة في الأسواق العالميَّة في حال استمرار التصعيد في المنطقة، لا سيما بين الولايات المتحدة الأميركيَّة والجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة.
ويقول الخبير الاقتصادي سالم البياتي في تصريح خاص لـ"الصباح" إنَّ "هناك علاقة ارتباطيَّة بين برامج التنمية الاقتصاديَّة والواقع الأمني، ولا يمكن أنْ تتحقق أي تنمية اقتصاديَّة أو ناتج قومي من دون أنْ يكون هناك أمن، إذ إنَّ الأمن يشكل الشبكة الأساسيَّة التي تتحرك على ضوئها المؤسسات الاقتصاديَّة، سواء كانت مصانع أو تجارة أو أسواق مالٍ ومن هذا المنطلق فإنَّ العلاقة بين بناء اقتصاد والاستقرار الأمني علاقة منطقيَّة".
الاستثمار المحلي
أضاف إنَّ "جميع الدول عندما تريد أنْ تبني اقتصادها تسعى في البدء الى تحقيق استقرار أمني؛ لأنَّ الأمن بطبيعته يعني الثقة أي خلق بيئة مستقرة لأنها تسمح برؤوس الأموال أنْ تستثمر، سواء كان الاستثمار محليا أو أجنبيا، وكذلك تسمح للمخطط الاقتصادي بأنْ يعمل ليس على أساس يوم بيوم وإنما على أساس تخطيط ستراتيجي، لأنَّ بعضاً من منظومة الاقتصاد تحتاج الى خططٍ لأكثر من سنتين أو ثلاث؛ فاذا لم تكن أمامه بيئة أمنيَّة مستقرة لا يستطيع أنْ يخطط".
وتابع "في حال كان التخطيط على حالات متقطعة سيجد المخطط الاقتصادي أنَّ الكلف والنفقات عالية وبالتالي سترتفع المخاطر المحتملة"، لافتاً الى أنَّ "استقرار المنطقة سواء في العراق أو الإقليم يسهم في عمليَّة التبادل والعلاقات
الاقتصاديَّة".
استيراد السلع
وأوضح البياتي "لا بدَّ من صنع اقتصاد حقيقي في العراق، وأنْ نعمل بهذا التوجه ولا نعمل على أساس إنفاقٍ لغرض استيراد السلع"، لافتاً الى أنَّ "الاقتصاد القوي الذي تستطيع الدول أنْ تبادله الثقة لا بدَّ من أنْ تكون له قاعدة صناعيَّة وزراعيَّة وقاعدة منتجة ويملك رؤوس أموال داخليَّة يستطيع أنْ يحقق ما يسمى بـ(الأمن الغذائي والاكتفاء
الذاتي)".
وأشار الى أنَّ "الاقتصاد العراقي سيكون متضرراً لأنه معتمدٌ على مغذيات الاستيراد والدول المنتجة، لذلك أي توقف لحركة التصدير والاستيراد بالتأكيد سترتفع الأسعار، خصوصا أنَّ لدينا سوقاً غير مستقرة وبالتالي ترتفع الأسعار".
من جهته، حذر الخبير في الشؤون النفطيَّة حمزة الجواهري، من قلة الإمدادات النفطيَّة وارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالميَّة في حال نشوب حرب في منطقة الخليج، لا سيما بين الولايات المتحدة وإيران، إلا أن ذلك يستبعد في الوقت الراهن لأن ليس من مصلحة طهران وواشنطن نشوب حرب في منطقة الخليج لا سيما قرب مضيق
هرمز.
خزين ستراتيجي
قال الجواهري في تصريح خاص لـ"الصباح": إنَّ "أسعار النفط تتحكم بها سياسات الدول العظمى، لا سيما أميركا، بالتالي مهما تفاقمت الأوضاع نحو الأسوأ أو أنها تشهد انفراجاً، إلا أنَّ أثرها يذوب بالتدخل السياسي، على اعتبار واشنطن تملك خزيناً ستراتيجياً من النفط الخام والمشتقات يفوق المليار برميل، فعندما تقل الإمدادات تطلق كميات إضافيَّة لكي تكبح الأسعار وكذلك العكس".
وأشار الى أنَّه "في حال نشوب حرب في منطقة الخليج لا سيما قرب مضيق هرمز ستتأثر أسعار النفط حتماً، لكنْ ليس من مصلحة طهران أنْ تنقل الحرب الى الخليج لأنَّ لديها حلفاءً مشترين لنفطها وهم الصين واليابان والهند ولا تريد أنْ
تخسرهم".
الدورات التدريبيَّة
وبشأن الشركات العاملة في العراق قال الجواهري: إنَّ "إنتاج وتصدير النفط العراقي لن يتاثر في حال مغادرة الشركات الأجنبيَّة العاملة في الحقول النفطيَّة لأنَّ لدى العراق نحو 70 الى 95 بالمئة من العاملين بالحقول النفطيَّة هم عراقيون، فضلاً عن أنَّ السنوات العشر الأخيرة شهدت دمج العراقيين بالعمل مع الأجانب وتم تأهيلهم، إضافة الى الدورات التدريبيَّة التي تلقوها، وكذلك اطلاعهم على أنظمة العمل الجديدة؛ بمعنى أنَّ الملاكات المحليَّة كفوءة وباستطاعتها أنْ تدير الحقول النفطيَّة، لأنه في الفترة السابقة خرجت شركة شل ولم يتأثر الإنتاج العراقي وكذلك خرجت اكسون موبيل لثلاث مرات ولم تتأثر الحقول
النفطيَّة".