الذهب الأخضر.. هل يصبح {سلعة الصراع} المقبلة في العالم؟

بانوراما 2020/02/01
...

سعيد كمالي دهقان
ترجمة: ليندا أدور
أدى الازدهار العالمي لزراعة فاكهة الأفوكادو الى زيادة صادراتها، الى جانب اجتذابه (لكارتلات) العنف نحو تجارة ما يعرف بـ"الذهب الأخضر" . كان يعتقد، من الوهلة الأولى، ان مشهد الجثث التسعة عشر المشوهة والشبه عارية وهي تتدلى من على جسر بمدينة يورابان المكسيكية، انها نتيجة لصدامات بين عصابات مخدرات تتنازع فيما بينها. لكن عصابة "الجيل الجديد من خاليسكو" التي تبنت عدة جرائم قتل بشهر آب الماضي، كانت تقاتل من أجل أشياء أكثر من المخدرات، وهي بسط نفوذها على تجارة الافوكادو في البلاد.
الماس الدموي
تعد المكسيك من أكبر منتجي الافوكادو في العالم، إذ بلغت أرباح انتاج "الذهب الأخضر"،  بولاية ميشواكان، التي تنتج معظم الافوكادو المكسيكي، بما يقدر بأكثر من ملياري دولار خلال العام الماضي.
حذرت مجموعة "فيريسك مابلكروفت" لتحليل المخاطر، في تقرير لها من أن الافوكادو المكيسكي يمكن أن يصبح "سلعة الصراع" المقبلة، حالها حال "الماس الدموي" في أنغولا وسيراليون ومعادن الصراع بجمهورية الكونغو 
الديمقراطية. 
يبحث التحليل بمجموعة من العوامل المتعلقة بازدياد المخاطر التي تحيط بانتاج الافوكادو بضمنها تنامي تورط العصابات فيها والعنف المرتبط به، فضلا عن تنامي عمالة الأطفال القسرية. أشارت المجموعة في التقرير الى عمليات إزالة الغابات غير القانونية وقطع الاشجار وتهيئة الأرض بهدف زراعتها. 
يشير كريستيان واغنر، المحلل لدى مابلكروفت في التقرير: "ان الزيادة المتسارعة بشعبية الافوكادو الى الحد الذي أصبح فيه مزيجا من النعمة والنقمة لكل من المجتمعات والفلاحين في المكسيك".
مضيفا "ففي الوقت الذي استفاد منه الكثير بتحطيم الاسعار القياسية، شد آخرون انتباه مجموعات الجريمة المنظمة التي اجتذبتها الأرباح تلك الصناعة".
يقول واغنر: "من الزراعة الى وسائل النقل، ضرب العنف والفساد سلسلة توريد الافوكادو في المكسيك، وفي ميشواكان على وجه الخصوص، التي تعد حاضنة للعنف الإجرامي منذ وقت طويل. 
صدمت أوجه التشابه بين معادن الصراع، شركات توريد الافوكادو من المنطقة، ولارتباطه بالقتل والعبودية الحديثة وعمالة الأطفال والتدهور البيئي، اصبح الافوكادو يمثل خطرا حقيقيا عند التعامل مع موردي ومزراعي  ميشواكان".
 
الأولى عالميا
لخصائصه العالية ومحتواه الغذائي الجيد، تحظى صناعة الافوكادو بأهمية كبيرة، اذ يبلغ مجموع ما تدفعه هذه الصناعة الى 12 ضعف الحد الأدنى من الأجور، وتتصدر المكسيك قائمة الدول المصدرة له، متقدمة على هولندا، المصدّر الرئيس غير المنتج له، والبيرو.
يذهب معظم انتاج المكسيك من الافوكادو الى الولايات المتحدة، بالرغم من انتاجه محليا في كل من كاليفورنيا وفلوريدا. مصدر الافوكادو في المحال التجارية البريطانية هو اسبانيا وجنوب افريقيا والبيرو وتشيلي، وهناك طلبا متناميا على الافوكادو في الصين، حيث تضاعف مجموع وارداتها من هذه الفاكهة الى أكثر من ألف مرة في العام 2017، وهو أكثر مما سجل خلال ست سنوات 
مضت. 
وفقا لمركز ترويج الواردات الهولندي، يبلغ مجموع ما تستهلكه أوروبا من الأفوكادو بمقدار كيلوغرام للشخص الواحد سنويا، بينما يصل استهلاك الولايات المتحدة أربعة أضعاف ذلك، بينما تعد فرنسا هي السوق الأكبر له في أوروبا.
تؤكد دراسة مابلكروفت الى "ان العام الماضي، شهد بروز المنظمات الاجرامية التي تتصرف بالكثير من الطرق لتمويل نفسها، كعصابات المخدرات، لكنها غير متورطة بالاتجار
بها. 
وفي ميشواكان، توفر لهم صناعة الافوكادو تنوعا في الدخل الذي تحصل عليه المجاميع الاجرامية والتي سجل وجود 12 مجموعة اجرامية تعمل ضمن المنطقة. 
يقول فالكو ايرنست، كبير المحللين لدى مجموعة الأزمات الدولية بأن، منذ ما لا يقل عن عقد من الزمان، كان الافوكادو, وفي ميشواكان تحديدا، عنصرا بارزا في ملفات مجاميع الجريمة المنظمة بالمكسيك.
يشير أيرنست الى أن ليس الأفوكادو فقط، فعصابات الجريمة المنظمة في المكسيك بدأت اليوم، بالسيطرة على أماكن معينة، ومنها تقوم باستغلال أي سلعة متوفرة هناك، كالليمون والبابايا والفراولة والقطع غير القانوني للأشجار" مضيفا، "ان مقاطعة الأفوكادو ليست بالحل الصحيح، اذ هناك الالاف من الأسر ممن يعتاشون عليها، ومقاطعتها يعني سحب البساط من تحت أقدامهم ودفع العصابات الاجرامية لتصبح أكثر عنفا وعدوانية تجاه المدنيين لتعويض ما قد يفقدونه من دخل تجارة
الافوكادو".
 
*صحيفة ديلي تلغراف البريطانية