حكومة مرتقبة

آراء 2020/02/04
...

نوزاد حسن
 
  أخيراً كلّف رئيس الجمهورية، برهم صالح، محمد توفيق علاوي لتشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة عادل عبد المهدي المستقيلة. جاء هذا التكليف، كما يعرف الجميع، في ظروف بالغة التعقيد إذ تم رفض أسماء عديدة تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي حتى بادر رئيس الجمهورية في حسم هذا الملف المعقد. إذاً، سيكون أمام رئيس الوزراء الجديد 30 يوما لإكمال اختيار وزراء حكومته. ورجح النائب محمد الخالدي أن يقدم علاوي كابينته الوزارية قبل انتهاء المدة الدستورية المعروفة. هذا يعني أن الوقت بدأ، وأن رئيس الوزراء شرع في مباحثات مع بعض الأطراف لبلورة مواقف تصب في تنفيذ ما طرحه في كلمته للمتظاهرين من تعهدات.
 في الحقيقة حاول علاوي في كلمته أن يكون واضحا جدا في تحديد أولويات عمله. تضمنت كلمته نقاطا عدة كان من أهمها الإشارة إلى انتخابات مبكرة. كما طلب من المتظاهرين أن يبقوا في ساحات الاعتصام وأن لا يتركوها. ولعل أهم ما بدأ به رئيس الوزراء المكلف هو أن هذا "التكليف يضع على عاتقه مسؤولية تاريخية".ومع أنه  تطرق الى الشأن العراقي في مختلف وجوهه إلّا أن نقطة واحدة في كلمته جعلتني أتوقف عندها طويلا، وأعني بها حديثه عن تشكيل حكومة بعيدة عن المحاصصة الطائفية والفئوية. أظن أن هذا هدف أخلاقي كبير أن نرى حكومةً تمثل الجميع دون مسميات، وتضم كفاءات لا ينتمون لجهات قد تفرض عليهم قناعات معينة، لذا يمكنني القول إن كلمة علاوي أوصلت رسالة لنا جميعا مفادها أن غاية حكومته يتلخص في تنفيذ ما أقرته حركة الحراك الشعبي التي انطلقت في تشرين الأول.
   لست أشك في أن مهمة علاوي صعبة و معقدة، ذلك لأن المزاج السياسي، وباعتراف كثير من الكتل، يميل لفكرة الاستحقاق الانتخابي وما تفرزه صناديق الانتخابات. الآن، بعد الضغط الشعبي، تغيرت الحال إلى حال أخرى، فساحات الاعتصام ما زالت موجودة، والمتظاهرون لم يغادروا أماكن اعتصامهم، وهذا كله قد يسهم في إعطاء علاوي مرونة وقوة في اختيار وزراء كفوئين يتمتعون بمقبولية في الشارع.
  المهمة كما قلت صعبة للغاية، وتتطلب قدرا كبيرا من التضحية والتفكير بمصلحة البلد، فبعد أربعة أشهر من الاحتجاج واستشهاد المئات من المتظاهرين والقوات الأمنية وآلاف الجرحى، صار على جميع المتصدين للعمل السياسي أن يفكروا في اتخاذ خطوة جريئة لدعم رئيس الوزراء المكلف حتى ينجح في عمله.
 وكما كانت هناك مطالبات بمنحه بعض الوقت، كانت هناك اعتراضات من قبل بعض المتظاهرين ساحات الاحتجاج. هذه الاختلافات في وجهات النظر أدّت الى بعض المواجهات المحدودة، وهذا ما جعل رئيس الوزراء الجديد يطالب بالابتعاد عن العنف والانقسام، ولا أظن أن أحداً لا يعي خطورة الوضع، ولحظة ترقب الخطوات الأولى على طريق تشكيل حكومة تمثل أطياف الشعب كافة بإرادة تسعى لخدمة المواطن، وتوفير العدالة الموعودة والمنتظرة منذ أعوام.
  عند انقضاء الشهر الذي حدده الدستور لإكمال اختيار الوزراء سنكون أمام حكومة لا بدّ أن تلبي مطالب المتظاهرين كونها حكومة إصلاح قبل كل 
شيء.