التاجر العراقي

اقتصادية 2020/02/04
...

ياسرالمتولي 
 
رغم مرور أكثر من 100 يومٍ على الأحداث التي تمرُّ بها البلاد، وهي أمرٌ طبيعيٌّ ونتيجة حتميَّة لاستمرار الحراك الشبابي الشعبي السلمي لمطالب مشروعة، تجد هناك استقراراً ملحوظاً في السوق التجاريَّة العراقيَّة.
ما تفسير ذلك؟
كنا ومنذ بداية مرحلة التغيير في العام 2003 والى وقت ليس ببعيد إذا حدث أمرٌ بسيط ترافقه فوراً فوضى في السوق التجاريَّة وتلتهب الأسعار وسرعان ما يكبح جماحها بأي إجراء حكومي، والأبعد من ذلك كانت أي إشاعة تصدر مهما كانت صحيحة أو كاذبة تلهب السوق فيهرع المواطن الى الأسواق تحسباً لأزمة ما قد تحدث وتستغل من البعض في حينها.
أما وأنَّ الأحداث الحالية بكل أشكالها لم تحفز السوق وإنما بقيت الأسعار مستقرة الى حدٍ كبير ولم تستغل الظروف حتى لحظة كتابة هذا المقال.
وبطبيعة الحال فإنَّ تأخر شحن البضائع وانقطاع الطرق قد تسبب في فقدان المخزون السلعي وخصوصاً الغذائيَّة وهي الأهم في حياة المواطن واستمرار وديمومة الحياة.
كل هذا بالطبع يحسب للموقف الوطني الغيور للتاجر العراقي الذي آثر ألا يستغل الظروف ويرفع الأسعار وبذلك يُسجلُ موقفاً إنسانياً بالدرجة الأولى والأساس ووطنياً ومشرفاً لذلك يستحق أنْ ترفع له القبعات تحية لمواقفه الأصيلة وهذا هو ديدن وشأن العراقي يوم الشدائد والمحن وبذلك يستحق كلمة شكراً وبالمناسبة كلمة تاجر لا تعني تجار الجملة فقط ولو هو الأساس وإنما كل أصحاب الأسواق التجاريَّة وحتى المحال الصغيرة.
وبالمقابل فإنَّ موقفاً سانداً آخر يندرج بذات القيمة والتقييم للمواطن العراقي الذي صبر وكابر ولم يهرع ويتدافع لخزن المواد الغذائيَّة وهذه هي التضحية والإيثار التي يتمتع بها أبناء الوطن فهم يستحقون ليس رفع القبعات فقط وإنما انحناءً لمواقفهم الداعمة لسلامة الوطن ووحدته وقوته، مؤمنين بأنها شدة وتزول بعد أنْ تهدأ النفوس وتحل كل القضايا بسلام وبإرادة عقلاء القوم.
ثم إنَّ هناك موقفاً مشرفاً آخر يحسب لباقي الجهات ذات العلاقة وهم أصحاب الصيرفة والمصارف، فقد أوفوا لعراقهم وهونوا على المواطن بمحنته ولم يستغلوا الظرف كما هو معتاد في المضاربات السابقة بسعر الصرف الذي يقصم الظهر، وكذا الحال للقائمين على السياسة النقديَّة السليمة في تحقيق التوازن واستقرار سعر الصرف أيضاً يستحقون 
الثناء.
نجد في هذه المحنة أنها أفرزت ظواهر الخير والتلاحم والوحدة الوطنية وأنَّ العراقي إنسانٌ ثابتٌ في إنسانيته وصبورٌ، وندعو أنْ تنجلي هذه الأزمة بأسرع وقت ويسود الاستقرار والتسامح وانه درس وامتحان صعب خاضه العراقيون من أجل القيم الأصيلة.