الاسلاموفوبيا.. هل أصبحت مشكلة جونسون الآن؟

بانوراما 2020/02/04
...

أتش أي هيلير
ترجمة: ليندا أدور
تصدرت اتهامات فشل حزب العمال بمواجهة معاداة السامية، العناوين الرئيسة، لكن معاداة المسلمين باتت الأكثر استشراء في بريطانيا، وقد أسهم رئيس الوزراء وحزبه بجعلها مقبولة اجتماعيا. إذ وجه مواطن بريطاني سؤالا الى بوريس جونسون وجيرمي كوربين، في مناظرة تلفزيونية جرت قبل الانتخابات البريطانية الاخيرة، بقوله: ما الذي ستفعلانه لإخراج الكراهية من السياسة؟، (وكان تساؤلا مشروعا لزعيمي حزبين هما الأكبر شعبية في البلاد).
بالنسبة لكوربين، كان يتعلق باتهام حزبه، العمال، وقياداته بأن تصديهم لم يكن قويا بما يكفي للتعامل مع معاداة السامية. 
أما بالنسبة لجونسون، فقد كان عن الاسلاموفوبيا (الخوف من الاسلام) والكراهية تجاه المسلمين داخل حزب المحافظين، ولم يعط أي منهما جوابا وافيا يختلف كليا عن تصريحاتهما السابقة، ليبدوا وكأنهما يتهربان من الاجابة أو يحاولان صد تلك الاتهامات.
 
يوم معاقبة المسلمين
لو تم أخذ جرائم الكراهية ضد اليهود بعين الاعتبار في كل من انكلترا وويلز، نجدها قد تضاعفت في الأعوام 2017 و2018 مقارنة بالسنة الماضية  (سجلت أكثر من 1300 حادثة مقارنة مع أقل من 700)، إذ تشكل مسألة معاداة السامية مشكلة بالنسبة لحزب العمال، عليه مواجهتها الى جانب المجتمع البريطاني ككل. خلال الفترة ذاتها، كان المسلمون عرضة لجرائم الكراهية بمقدار ثلاثة أضعاف حيت سجلت أكثر من 3500 حادثة، أي نصف جرائم الكراهية تقريبا التي سجلتها بريطانيا ضد المجموعات الدينية، لكن الاهتمام بهذه القضية كان 
جزئيا. 
عندما يتعلق الأمر بمشاعر معاداة الاسلام، فان الامر لا يتعلق بمشكلة الاسلاموفوبيا ضمن حزب المحافظين، بل بعد كل ذلك، فان جونسون، كتب ذات مرة، بأن: “الاسلاموفوبيا، تبدو كرد فعل طبيعي، مؤكدا على أن “الاسلام هو المشكلة”. يشار، مؤخرا، الى ان عددا من اعضاء الحزب جرى تعليق عضويتهم بسبب معاداتهم للاسلام، غير ان الحزب لم يبد استعداده لمعالجة الاسلاموفوبيا بين صفوفه. 
لكن، ليس حزب المحافظين وحده الذي تستشري كراهية الاسلام بين اعضائه، بل المجتمع البريطاني عامة, فقد ازدادت جرائم الكراهية الشخصية ضد المسلمين خلال العامين 2016 و2017، بنسبة 30 بالمئة، وفي السنة التي تلتها، بعثت رسائل “يوم معاقبة المسلمين” الى أعضاء البرلمان البريطاني من المسلمين، وعائلات مسلمة، وتعرض عدد من مساجد بريطانيا لهجمات، من دهس شاحنة صغيرة لمصلين لدى خروجهم من المسجد بعد الصلاة خلال شهر رمضان 2017. ولن تنتهي هذه المشكلة بانتهاء الانتخابات، بل بالعكس، أصبحت جزءا من الخطاب الرسمي بشكل لم تعهده بريطانيا الحديثة، ويمكن ان تصبح أسوأ. 
 
اختبار طاولة العشاء
بالتأكيد، ان مشكلة الاسلاموفوبيا هي أكثر خطورة اليوم مما كانت عليه بعد هجمات ايلول 2001  وتفجير قطار لندن والباص سنة 2005.
وقد أظهر استطلاع أجرته مؤسسة آي سي أم، قبيل الانتخابات البريطانية الاخيرة، يتعلق بالموقف من المسلمين، أن 37 بالمئة من الناخبين المحافظين أقروا بنظرهم الى المسلمين بمنظور سلبي، فيما دعا 55 بالمئة منهم لخفض عدد المسلمين الوافدين الى بريطانيا، فيما ذهب 62 بالمئة الى القول بأن الاسلام يشكل تهديدا لاسلوب حياة
البريطانيين.  
يمكن لتلك الاحصائيات أن تثير القلق لكنها لا تدعو الى الدهشة، فالمخاوف من انتشار المشاعر المعادية للاسلام ازدادت خلال السنوات الاخيرة، وقد جرى تسجيل العديد من الشكاوى من المعاداة من قبل مسؤولين في المحافظين وسلوك بعض النشطاء.
قبل سنتين، أعلنت سعيدة وارثي، الرئيسة السابقة لحزب المحافظين، ان على الحزب إجراء تحقيق حول الاسلاموفوبيا، وقبلها بسنوات، عندما كانت تشغل منصب الرئيس المشارك للحزب، كانت وارثي قد ذكرت أن الاسلاموفوبيا “نجحت باختبار طاولة العشاء” اي بمعنى آخر، انها أصبحت أكثر مقبولية وعلى نطاق واسع. 
 
{مَشكَلة} المسلمين
ولم تكن وارثي مخطئة بهذا الشأن، فالارقام التي كشف عنها الاستطلاع لم تكن مقتصرة على النواب المحافظين فقط بل الرأي العام البريطاني ككل.
يأتي تزايد انتشار الاسلاموفوبيا وقبولها نتيجة لعوامل ثلاثة، أولها تصريحات لسياسيين بارزين ترتبط بالاسلاموفوبيا، ليس أقل من تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب عندما قال: “اعتقد أن الاسلام يكرهنا”، اذ لم يكن تعبيرا عن تطرف بل عن 
الاسلام.
ومقارنته مع رد فعل الرئيس جورج بوش لدى زيارته لمسجد بعد هجمات أيلول بأن العدو ليس الاسلام ولا المسلمين، لذا، عندما تصدر تصريحات كهذه من شخصيات قوية، فان ذلك سيقود لنشر خطاب التعصب وفسح المجال لخطابات أكثر أيذاء، لكن ينظر لها على انها مقبولة.
تمثل العامل الثاني بوجود شبكة موثقة بشكل جيد، هدفها “مَشكَلة” المسلمين في الغرب بشكل عام. فقد كشف تقريران؛ لمركز التقدم الاميركي؛ القواعد وشبكات النفوذ المختلفة التي تركز على نشر ودعم الفكرة القائلة بأن الاسلام والمسلمين يخططون لتدمير الحضارة الغربية من الداخل.
أما العامل الثالث فهو نشر أفكار الكراهية من قبل أشخاص، هم أنفسهم، ليسوا اسلاموفوبيون، كما أشار الى ذلك مؤخرا، الباحث توم كيباسي، بقوله: من الصعب عدم التوصل الى خلاصة أن الكثيرين، بوسائل الاعلام البريطانية، يرفضون الاسلاموفوبيا لاعتقادهم بأن من يحمل الاسلاموفوبيا لديه وجهة نظر”.