الانفاق الأميركي في أفغانستان يبلغ ترليوني دولار

بانوراما 2020/02/04
...

رود نوردلاند 
ترجمة: انيس الصفار                                             
عند اخذ كل شيء في الاعتبار سنجد أن تكاليف حرب افغانستان، التي استمرت نحو 19 عاماً، تصل الى اكثر من ترليوني دولار، فهل أنفقت تلك الأموال في مواضعها الصحيحة؟ الشواهد التي تؤيد هذا قليلة، فطالبان تسيطر على معظم انحاء البلد ولا تزال افغانستان أحد اكبر مصادر اللاجئين والمهاجرين على مستوى العالم.  قتل في افغانستان اكثر من 2400 جندي أميركي وأكثر من 38 ألف مدني أفغاني حتى الان، رغم هذا طرأ بعض التحسن على مستوى الحياة، لا سيما في المدن الافغانية، كما ارتفعت فرص الحصول على التعليم.
هنالك اليوم مزيد من الفتيات يذهبن الى المدارس وأقيمت مؤسسات ديمقراطية، ولو أنها لا تزال مهتزة الاركان حتى في احسن احوالها.
لتحديد الكيفية التي أنفقت بها الولايات المتحدة المبالغ، وما اذا كان ذلك الانفاق قد حقق غاياته، اعتمدنا تقديرات “مشروع تكاليف الحرب” الذي اجرته جامعة براون.
 
1,5 ترليون دولار 
تكاليف شن الحرب
الطالبان لا يزالون يفرضون سيطرتهم على معظم انحاء البلد او يتحدون السلطة فيها.
عندما أعلن الرئيس “جورج دبليو بوش” عن انطلاق أول عمل عسكري في أفغانستان اثر هجوم تنظيم القاعدة الارهابي سنة 2001 قال أن  الهدف منه هو إرباك العمليات الارهابية وضرب حركة طالبان. مرت على ذلك 19 سنة ولا تزال طالبان مستمرة باكتساب مزيد من القوة، فهم يواصلون قتل عناصر الأمن الافغان، ويهزمون القوات الحكومية في كل منازلة كبيرة تقريباً، باستثناء تلك التي يشارك فيها الدعم الجوي الأميركي ضدهم بقوة وثقل. أما تنظيم القاعدة فقد انتقل كبار قادته الى باكستان، محافظ على حضوره في افغانستان ووسع فروعه لدى اليمن وشمال افريقيا والصومال وسوريا. بذا يبقى مصير 1,5 ترليون دولار التي انفقت مبهماً، ولكن وزارة الدفاع رفعت السرية عن اخفاقات اعترت الإنفاق خلال السنوات الثلاث الأخيرة تحديداً. معظم الأموال التي وردت تفاصيلها في تلك الاخفاقات (التي كانت تبلغ نحو 60 بالمئة) ذهبت في أمور مثل التدريب والوقود والمركبات المصفحة واقامة المنشآت. أما شؤون النقل، الجوي والبحري مثلاً، فقد استنفدت نحو 8 بالمئة، أي ما يعادل 3 الى 4 مليارات دولار سنويا.
 
10 مليارات دولار 
انفقت لمكافحة المخدرات
افغانستان هي مصدر80 بالمئة من الهيرويين المنتج عالميا.
وصف المفتش الخاص لإعادة اعمار افغانستان عبر تقريره للعام الماضي جهود مكافحة المخدرات بأنها “فاشلة”. فرغم المليارات التي انفقت على مكافحة زراعة زهرة خشخاش الأفيون بقيت أفغانستان مصدراً لـ 80 بالمئة من الأفيون المنتج عالمياً بشكل غير شرعي.
قبل حرب 2001 كانت افغانستان قريبة من القضاء نهائياً على الأفيون، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة بين العامين 1996 و2001 عندما كانت السلطة بيد طالبان. أما اليوم فإن زراعة الخشخاش هي مصدر الدخل والعمالة الأساسي الى جانب كونها مورد تمويل لطالبان، وهي أوسع نشاط اقتصادي لافغانستان، عدا نفقات الحرب.
 
87 مليار دولار انفقت
لتدريب القوات الأفغانية
القوات الأفغانية عاجزة عن الاعتماد على نفسها.
كان احد اهم الاهداف الرئيسة للجهد الأميركي في افغانستان هو تدريب الجنود الافغان. معظم الانفاق الأميركي على بناء المنشآت انتهى به المآل الى صندوق لدعم قوات الجيش والشرطة الافغانية عن طريق المعدات والتدريب والتمويل. رغم هذا لا يعتقد أحد (لا الجيش الأميركي ولا مستشارو الرئيس أشرف غني) ان القوات الأفغانية لديها القدرة على الوقوف بمفردها.
يعاني الجيش الأفغاني من ارتفاع نسب الاصابات بين صفوفه وفرار عناصره، وهذا معناه تكرر الحاجة لتدريب مجندين جدد يصل تعدادهم سنويا الى ثلث الحجم الكلي للقوة على أقل تقدير.
كان الرئيس “باراك أوباما” يخطط لتسليم مسؤولية الأمن بالكامل الى الأفغان بنهاية العام 2014 وسحب آخر جندي أميركي بحلول العام 2016، لكن الخطة تعثرت عندما استغلت طالبان الموقف بسرعة وحققت مكاسب على الأرض، فتوجب على الجيش الأميركي ان يقنع أوباما، ومن بعده الرئيس ترامب، بتعزيز القوات الأميركية، وحاليا تضم أفغانستان 14 ألف جندي أميركي.
 
24 مليار دولار 
انفقت على تطوير الاقتصاد
معظم الافغان لا يزالون يعيشون في فقر مدقع.
حجم الانفاق المرتبط بالحرب ضاعف الاقتصاد الأفغاني مرتين تقريباً منذ العام 2007، بيد أن هذه الزيادة لم تنتج اقتصاداً معافى، فربع ابناء الشعب الأفغاني عاطلون عن العمل، والمكاسب الاقتصادية ماضية بالانحدار تدريجياً منذ العام 2015 مع بدء انحسار الحضور العسكري الدولي.
كذلك يبقى المستثمرون الاجانب معرضين عن المجيء الى افغانستان نظراً للفساد المستشري الذي يعد الأسوأ عالميا، وفقاً لتقارير منظمة الشفافية الدولية وجماعات مكافحة الفساد. الشركات الأفغانية هي الأخرى صارت تميل الى استقدام الأيدي العاملة الرخيصة من الهند وباكستان.
حتى الآمال بتوفر الاكتفاء الذاتي في قطاع التعدين، الذي كان البنتاغون يتبجح بأن قيمته قد تصل الى ترليون دولار، انتهت حطاماً، إذ باشر عدد قليل من الشركات الصينية ودول اخرى الاستثمار في مجال التعدين ولكن تردي أوضاع الأمن والبنى التحتية حالا دون تحقيق عائدات تذكر.
 
30 مليار دولار أنفقت 
على برامج اخرى لإعادة الإعمار
معظم تلك الأموال أهدرت بسبب الفساد والمشاريع الفاشلة.
لقد دعم دافعو الضرائب الاميركيون جهود اعادة الإعمار التي شملت حفظ السلام وتقديم المساعدات للاجئين ومواد الاغاثة لضحايا الفيضانات المزمنة والانهيارات الجبلية والهزات الارضية، لكن المفتش العام خلص الى ان تلك الأموال أهدرت بسبب برامج غير مدروسة أو تخللها فساد واسع.
صرفت الدولارات الأميركية لبناء مستشفيات لم تقدم علاجاً لمريض، ومدارس لم تقدم علماً لتلميذ (بل ان بعضها لم يكن له وجود على الأرض إطلاقاً) وقواعد عسكرية اكتشف الافغان لاحقاً أنها بلا فائدة 
فأغلقوها.
ووثق المفتش العام أيضاً هدراً مقداره 15,5 مليار دولار بسبب التزوير وسوء التصرف في جهود اعادة الاعمار بين العامين 2008 و2017. بفضل الانفاق الأميركي شهد المواطن الأفغاني تحسناً في مجالي الصحة والتعليم، ولكن هذا التحسن كان متفرقاً قياساً بالمعايير المقرة دولياً. 
ولا تزال الوفيات بين الأمهات الافغانيات بين الأعلى عالمياً، ومعدلات طول العمر من بين الأوطأ. معظم الفتيات يتلقين تعليماً مدرسياً واطئ المستوى أو معدوماً، والتعليم بين الفتيان ضعيف بوجه عام. 
500 مليار دولار
 فوائد عن قروض
الحرب موّلت من أموال القروض
لأجل تمويل الحرب اقترضت الولايات المتحدة بشدة وبذا سيترتب عليها دفع اكثر من 600 مليار دولار في صورة  فوائد على تلك القروض حتى العام 2023. أما تسديد بقية الديون فسيتطلب سنين أخرى عديدة.
 
1,4 ترليون دولار ستنفق 
على جنود لغاية العام 2059
تكاليف العلاج الطبي والعوق البدني ستستمر لعقود مقبلة
حتى الآن، أنفق نحو 350 مليار دولار لتوفير العلاج الطبي ورعاية المعاقين بدنياً من الجنود السابقين الذين شهدوا حربي العراق وافغانستان. 
لكن الخبراء يقولون ان اكثر من نصف هذه المبالغ ذهبت الى افغانستان. ولا يستطيع احد ان يقدر المجموع النهائي الذي ستصل اليه هذه النفقات ولكن الخبراء يضعون ترليون دولار اضافية كتكاليف على مدى الاربعين سنة المقبلة عندما يبلغ هؤلاء الجرحى والمقعدون من الجنود السابقين مرحلة الشيخوخة ويصبحون بحاجة لمزيد من الخدمة والرعاية.