الانتخابات أم رئيس الوزراء

آراء 2020/02/05
...

د. حسين القاصد 
احتدمت الأمور جدا ووصلت إلى مرحلة متقدمة، وكنا نظن، كما لا نظن أيضا، أن الاتفاق على اختيار رئيس وزراء جديد هو الحل والطريق الممهدة للتهدئة؛ فأما كوننا "نظن" فذلك لأن ساحات التظاهر رشحت أسماءً ورفعت صورا  لشخصيات من بينها السيد محمد توفيق علاوي، لمنصب رئيس مجلس الوزراء؛ وأما كوننا " لانظن" فذلك لأن الأزمة ليست أزمة رئيس وزراء وفق رأي أغلب المتابعين للشأن العراقي، لأن السيد عادل عبد المهدي استقال، ولم يبق سوى إكمال بقية مطالب الجماهير المحتجة.
 تم تكليف السيد محمد توفيق علاوي، وأعلن عن تكليفه رسميا، ووفق تسلسل المجريات، بقي أن ننتظر تصويت مجلس النواب عليه وعلى مشروعه. لكن ، ماذا عن الجماهير، فهم ليسوا في مزاج واحد ولا على اتفاق مشترك، مع أن الرئيس المكلف من الأسماء التي رفعها المتظاهرون! أعود إلى (لا نظن) لأن الأزمة برمتها ليست أزمة منصب رئاسة الوزراء، فلقد سبقتها انتخابات شهدت مقاطعة كبيرة، لذا فإن الأزمة متداخلة وهي أزمة انتخابات وتمثيل حقيقي وليس توافقيا، وهذا الأمر يجعل المطالبة بالانتخابات المبكرة، أو على الأقل تحديد موعدها، أمراً أهم من منصب رئيس الوزراء المستقيل أو القادم لمدة محددة بإنجاز الإصلاحات وتحديد الانتخابات. لكنّ تكليف السيد محمد توفيق علاوي قد تم فعلا، وبين مرحب ورافض سواء  كان المرحب أو الرافض من الساسة أو من الجماهير الذين بعضهم يمثل صوته صوت السياسي الرافض أو المرحب، أقول: بين الترحيب والرفض غاب عن الجميع مطلب التهدئة الأكبر. وما دمنا في مؤسسة دستورية ولا يجوز اختيار رئيس وزراء من حق بعض المتظاهرين دون غيرهم ، فلابد من الخيار البرلماني ، ولأن بعض المتظاهرين لهم تحفظات حتى على أداء مجلس النواب، ترجح كفة الاتفاق على الانتخابات وتحديد موعدها، على كفة اختيار رئيس وزراء. نعم، أن خطوة التكليف لمنصب رئيس الوزراء تعد خطوة كبيرة وتسهم بشيء من التهدئة، لكنها أسهمت بعض الشيء بشق صف المتظاهرين بين موافق ورافض، وتأزم الوضع من جديد. ولعل الحل يكمن في أن يعلن السيد رئيس الوزراء المكلف موعدا لإجراء الانتخابات ليحسم الأمر ويحدد مدة ولايته ويزيل قلق رافضيه. لقد آن للبلد أن يستريح وآن للشوارع أن تفتح للجميع وآن للطلبة أن يلتحقوا بعامهم الدراسي في أجواء دراسية تسودها المحبة وخدمة الوطن الواحد، وآن لصفحات التواصل الاجتماعي أن تعود صفحات تواصل ومحبة لا صفحات تناحر وتخوين وتخندقات. حفظ الله العراق وأهله، والرحمة لشهداء العراق.