التعرف على 1400 لوح مسماري مسروق

بانوراما 2020/02/08
...

أوين جاروس
ترجمة: شيماء ميران
كُشف مؤخرا ما يقرب من 1400 لوح مسماري يُحتمل انها قد سُرقت من مدينة إريساجريج الأثرية العراقية المفقودة والتي يعود تاريخها الى اربعة آلاف سنة ويجهل علماء الآثار موقعها. ورغم معرفة علماء الاثار بان هذه الالواح تعود الى المدينة السومرية المفقودة التي يجهلون مكانها الحالي، الا انهم يقولون ان اللصوص فقط هم من يعرفون مكانها. تصف هذه الالواح المفحوصة حديثا قصر إريساجريج والحيوانات التي كانت محفوظة على ارضه، ومن بينها الاسود والكلاب; كما تظهر تفاصيل مهرجان اُقيم في معبد لآلهة القحط.
يُظهر الاكتشاف الحديث ان شركة هوبي لوبي (وهي سلسلة محال أميركية للفنون والحرف اليدوية) تملك من الالواح المسمارية اكثر بكثير مما كان يُعتقد سابقا، ويُحتمل انها حصلت عليها بطريقة غير قانونية من هذه المدينة او المواقع الاخرى في العراق . وكان شريك مالك الشركة "ستيفن غرين" قد بدأ تأسيس متحف الكتاب المقدس عام 2017 في واشنطن.
لقد ذُكرت الواح إريساجريج الـبالغ عددها 1400 لوح فضلا عن 600 لوح مسماري اخر من بقية المواقع الاثارية العراقية بالتفصيل في كتاب (Tablets From the Irisagrig Archive- الواح من ارشيف إريساجريج)، الذي تمت طباعته في مطبعة جامعة ولاية بنسلفانيا العام الماضي من قبل الاستاذ الفخري بمدرسة الكتاب المقدس في القدس مارسيل سيجريست، والمحاضر المتقاعد في جامعة شيزوكا في اليابان توهرو اوزاكي. 
وبحسب حديث سيجريست لموقع لايف ساينس فقد تم توثيق الالواح باليد وليس بالصور في الفترة المحصورة ما بين 2016-2012، حينما كانت داخل مخازن شركة هوبي لوبي بإوكلاهوما، ويضيف: "انهم باعوا هذه الالواح – ولم اعلم ابدا كيف حدث ذلك، ولم يكن ذلك شأني فعلا".
 
عدد هائل من الالواح
لقد جاء في بيان التسوية من وزارة العدل الاميركية ان شركة هوبي لوبي دفعت العام 2017 غرامة قيمتها ثلاثة ملايين دولار لاستيرادها تُحفا فنية بطريقة غير قانونية من العراق. وصُودرت من الشركة ما يقرب من 450 لوحا مسماريا وثلاثة الآف قطعة طينية منقوشة (نوع من الاختام) وتمت إعادتها الى العراق.
وقد ضُبطت 223 لوحا من هذه الالواح المسمارية مطلع العام 2011  بمدينة ممفس (اكبر مدن ولاية تينيسي) من قبل هيئة الجمارك وحماية الحدود الاميركية. 
ورغم ان سيجريست لم تتح له الفرصة لفحص هذه الالواح، قام بذلك باحث اخر هو إيكارت فراهم؛ وصفها خلال مقابلة اجرتها معه لايف ساينس العام 2017، موضحا أن عددا قليلا من تلك الالواح تضم طلاسم سحرية تعود الى ما قبل 4500 سنة.
إن مجموع الواح إريساجريج الاربعمئة بعد الالف المعلنة حديثا، مع ستمئة أخرى من المواقع العراقية الاخرى، و223 لوحا ضُبطت مطلع العام 2011 ، يعني ان اجمالي عدد الالواح المسمارية التي كانت بحوزة شركة هوبي لوبي يتجاوز 2200 لوح.
 
مفقودة الآن
ويُظهر فحص سيجريست واوزاكي للألواح ان بعضا من هذه القطع الاثرية مفقودة حاليا. واوضح المتحدث بإسم وزارة العدل الاميركية جون مارزولي انه فضلا عن (450) لوحا مسماريا مذكورة في بيان التسوية عام 2017، الذي اُعلن فيه عن تغريم شركة هوبي لوبي ومصادرة القطع الاثرية، فهو لا يملك اية معلومات عن الواح مسمارية اخرى مملوكة من قبل الشركة.
واكد المتحدث باسم وزارة الثقافة والسياحة والاثار العراقية انه تمت إعادة نحو 3817 قطعة اثرية كانت بحوزة شركة هوبي لوبي الى السفارة العراقية. 
ولم يتضح عدد الالواح المسمارية من بين القطع الاثرية المُعادة; لكن اذا اُعيدت الى العراق ثلاثة آلاف قطعة طينية منقوشة، بحسب زعم وزارة العدل الاميركية، فهذا يعني ان عدد الالواح التي كانت من الممكن اعادتها من قبل الشركة الى العراق يبلغ 817 لوحا مسماريا من اصل 2200 لوح .
يقول سيجريست انه لم يتلق اتصالا من شركة هوبي لوبي بعد العام 2016: "عندما اتصلت بهم، لم احصل على اية اجابة"، وقرر ان يقوم بوصف الالواح في مطبوع لكي يصبح الباحثون على علم بوجود القطع الاثرية. ولم تستجب الشركة لمطالبات التعليق على
الموضوع.
 
المدينة المفقودة
توضح الالواح المسمارية المعلنة حديثا العديد من التعاملات الاقتصادية والادارية التي حدثت في مدينة إريساجريج. وتصف النقوش على الالواح كيفية احتفاظ حُكام قصر إريساجريج بالاسود والكلاب الكثيرة واطعامها جثث الحيوانات، وتسلُّم رعاتها الذين كانوا يعتنون بها حصصهم من الشراب والخبز.
يقول سيجريست لقد كانت الكلاب مهمة جدا وذلك لحماية القصر: "عندما تكون في الصحراء، تحتاج الى حماية وحُرّاس، والكلاب افضل حرّاس يمكن ان تحصل عليهم في هذه
المناطق".
وكذلك تبيّن الالواح الطعام الذي كان يُقدم باسم الملك في مهرجان أمارسين، الذي كان يُجرى في معبد إنكي إله القحط والحكمة. وتخبرنا ايضا عن الكثير من الموظفين الذين خدموا الملك، مثل (الساقي) وهم موظفون يحملون احيانا اكواب الخمر الى ملوك إريساجريج. وبحسب سيجريست فان تاريخ الالواح الموصوفة حديثا يعود الى حقبة زمنية كانت إريساجريج تمر فيها ببعض الصراعات، وكانت المنطقة تنعم بالسلام. اما في الحقب اللاحقة، فقد وقعت اراضي هذه المدينة ضحية للغزو والحروب.
 
عن موقع لايف ساينس