أطلق الرئيس الأميركي، ترامب، قبل أيام، خطةً جديدة بعنوان (خطة السلام) أو ما سمّي بـ (صفقة القرن)، جاءت هذه الخطة بعد أنِ انتهت خطتهم للسلام في العراق وسوريا بسيناريو عصابات (داعش) الإرهابية، الذي حاولوا من خلاله إيصال رسالة للعالم أجمع أن المسلمين ودينهم إرهابيون. لكن الشعوب لا الحكومات استطاعت أن تردهم وصححت الصورة التي حاولت أميركا وإسرائيل أن تبثها للعالم بأن داعش هم صنيعة أميركية وهم أنفسهم قد اعترفوا بذلك في عدد من تصريحات لكبار المسؤولين الأميركيين تمكنت من صناعته وبثه للشعوب العربية.
الموضوع نفسه يتكرر الآن وكأن التاريخ يعيد نفسه بالأحداث ويتغير بالشخوص، فقد أُعيد السيناريو ذاته، وحاول ترامب أن يقدم النصح كما يدعي للدول الإسلامية لتصحيح المسار الذي يعده هو خطأً، وهو الاعتراف بإسرائيل، وأن القدس حرة وكأنها سوق تباع أينما يشاء هو وأسياده من الموساد الأسرائيلي، وهو يعلم جيدا أن القدس هي عاصمة فلسطين وستبقى حرة. عبر خلال تصريحه أنه يحاول أن يقدم رؤية للسلام في المنطقة، معتبرا الاحتلال والسيطرة على فلسطين من قبل إسرئيل سلام! وصفها بصفقة القرن لأنه تحدث بما لم يتحدث به الرؤساء السابقون مقدماً رؤية تنفع الطرفين كما جاء في تصريحه، أيّ نفع تتحدث عنه وأنت تحتل بلدا؟ فالرئيس ترامب هو رئيس غير معروف عنه بالضرورة التحلي برؤى سلام سياسي بين البلدان، تجده يقدم مصلحة بلاده على الجميع وهو ليس لديه أيّة أفكار أو حلول جديدة لمشاكل الشرق الأوسط. بل العكس من ذلك، فإن خطته للسلام المعلنة "كصفقة القرن" ليست "صفقة" بمعنى أنها ليست حلا وسطا متفاوضا عليه بين طرفين متكافئين. إنها بوضوح محاولة منه لفرض إملاء سياسي وهيمنة على الدول، كما أن خطته التي يدعي فيها السلام تتناسب مع مصالح إسرائيل بينما يتجاهل المصالح الفلسطينية وهذا بطبيعة الحال لا يؤدي إلى حلحلة الوضع في الشرق الأوسط كما قال راينر سوليت في تعليقه: (لقد ظل الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين من دون حل لعدة عقود فلا الحروب ولا الهجمات أو الانتفاضات الشعبية ولا حتى مبادرات السلام أو قرارات الأمم المتحدة نجحت في إحداث أي تغيير في جوهر النزاع بينهما، وهناك انعدام ثقة كبير فضلا عن انعدام الرغبة أو القدرة لتقديم أيّة تنازلات تاريخية لدى طرفي النزاع).
فالخطة التي وضعها ترامب تراعي مصالح إسرائيل الأمنية بطريقة أحادية الجانب، وسخية 100٪ مع مصالح إسرائيل، في حين أن الفلسطينيين لم يشاركوا حتى في بلورة الخطة نفسها وهم بالتأكيد الخاسر الأكبر.
وأكد محرر شؤون الشرق الأوسط، راينر زوليش بقوله:(ورغم أنه من المفترض أن يسمح للفلسطينيين بالحصول على دولة خاصة بهم، إلّا أنها يجب أن تكون منزوعة السلاح تماما وخاضعة بشكل صارم للمصالح الأمنية الإسرائيلية. أمّا القدس، فيجب أن تبقى إلى الأبد، كما أقرّ ترامب من جانب واحد العام 2017، عاصمةَ إسرائيل "غير المجزأة". وفي الوقت نفسه، وفي ما يشبه جائزة ترضية، يمكن للفلسطينيين أن يتخذوا مستقبلا بعض الأجزاء التي يسكنها عرب، في شرق المدينة، كـ"عاصمة" لهم.