بريطانيا تستعد لإطلاق قوتها السيبرانية

بانوراما 2020/02/09
...

 كيم سينغوبتا ترجمة: ليندا أدور
أصبحت بريطانيا في المراحل الأخيرة لإنشاء قوة أمنية تهدف إلى تنفيذ هجمات ألكترونية ضد مجاميع إرهابية ودول معادية ومجموعات الجريمة المنظمة التي تمثل تهديدا للبلاد، إذ ستكون مهمة عمل الوحدة المتخصصة هو الهجوم لمواجهة التهديدات الأمنية والتطرف والهاكرز (القراصنة الألكترونيين) والتضليل والتدخل في الانتخابات. لقد زادت عملية اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، التي نفذتها الولايات المتحدة مؤخرا، من الإلحاح للمضي قدما للبدء بعمل الوحدة الجديدة، وسط مخاطر من نشوب صراع سيبراني قد يمتد تأثيره على المملكة المتحدة كذلك.

ستصبح القوة السيبرانية الوطنية (NCF)، التي تدار من قبل وزارة الدفاع ومكاتب الاتصالات الحكومية(GCHQ) ، من أولى المنظمات في بريطانيا المخصصة للأعمال الهجومية ضد أعداء البلاد الخارجيين. وقد أفاد المتحدث الرسمي باسم الحكومة البريطانية إن وزارة الدفاع ومكاتب الاتصالات “يمتلكان تاريخا طويلا ومشرفا من التعاون المشترك من أجل المصلحة الوطنية للبلاد، وهما مستمران بتحمل مسؤولية مواجهة التهديدات الحقيقية التي تواجهها المملكة من قبل طيف واسع من الجهات المعادية”. 
أشارت مصادر أمنية إلى أنه بغياب الدليل على أن إيران تخطط لاستهداف المملكة ردا على عملية الاغتيال التي نفذتها إدارة الرئيس دونالد ترامب،  يمكن للمجاميع المسلحة أن تقرر شن هجمات مستقلة، كما أن تلك الهجمات السيبرانية ليس بالضرورة أن تكون محصورة ضمن دولة واحدة، فأيّة هجمة تستهدف مصرفا أميركيا ضمن مراكز تجارية كمدينة لندن أو فرانكفورت، على سبيل المثال، سيكون له سلسلة انعكاسات 
ضارة.  من المؤمل استثمار نحو 76 مليون جنيه استرليني (ما يقارب 100 مليون دولار أميركي) في هذه القوة الجديدة خلال العام الأول، فضلا عن تقاسم إدارتها بين وزارة الدفاع ومكاتب الاتصالات الحكومية في شلتنهام، وسيتم اختيار فريق عملها من أفراد القوات المسلحة وأجهزة المخابرات، إلى جانب عدد من المتخصصين بهذا المجال من الأكاديميين والقطاع الخاص. 
 
سالزبوري
ستعمل القوة بالتعاون مع المركز الوطني للأمن السيبراني NCSC))، الذي سيركز بشكل خاص على النشاطات السيبرانية الدفاعية لحماية الدوائر الحكومية والبنى التحيتة الستراتيجية والصناعة. زادت الحاجة إلى منظمة كالقوة السيبرانية الوطنية في المجالين الأمني والعسكري، بسبب سرعة انتشار الدعاية المتطرفة، إلى جانب الادعاءات بتدخل روسيا في الانتخابات وحملات الاستفتاء، والتضليل الإعلامي في أعقاب حادثة التسمم في سالزبوري، إلى جانب هجمات عصابات القرصنة ضد مؤسسات عامة وخاصة.
في العام 2012، تم توجيه الاتهام لإيران بالوقوف وراء الهجمات التي طالت مصارف وول ستريت، من خلال حجب الإنترنت عن مواقع البنوك والتي كانت ردا على العقوبات الأميركية. وفي العام 2015، وجهت تركيا الاتهام إلى إيران بشن هجمات ألكترونية استهدفت شبكة الكهرباء في البلاد، ما أدى الى انقطاع التيار الكهربائي عن نحو 40 مليون شخص. 
وقبل عامين، تعرضت العشرات من الحسابات الألكترونية البرلمانية في المملكة المتحدة لاختراق ضمن عمليات هجومية ارتبطت جميعها بإيران، وآخرها كانت مع مطلع العام الحالي، عندما تم اتهام إيران بقرصنة بيانات تعود لشركات تجارية أميركية، وقد فندت الحكومة تلك الاتهامات بشدة.
 
مراكز جديدة
يتوقع أن توسع هذه القوة السيبرانية من أنشطتها لتشمل شبكات الجرائم المتورطة بتهريب السلاح والمخدرات، وكذلك الاتّجار بالبشر، الذي غالبا ما يحقق مكاسب مادية مضاعفة للتنظيمات المتشددة. تنفذ الهجمات الألكترونية على على أساس مؤقت ومحدد، ضد تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق. ويشير مسؤولون غربيون إلى أن إنشاء هذه القوة جاء متأخرا بسبب التشتيت الذي نجم عن حالة عدم اليقين حول مستقبل البريكست والتغييرات المتكررة للوزراء ووزراء الدفاع. 
قد يتم حصول الخطة على الضوء الأخضر خلال المستقبل القريب، على الرغم من أن بعض التفصيلات التشغيلية لا تزال عالقة. وأوضحت وزيرة الدفاع، بيني موردونت، خلال حديث لها العام الماضي، عن دعم إضافي بقيمة 22 مليون جنيه استرليني لإنشاء مراكز عمليات ألكترونية جديدة، لكنها لم تشر إلى أن تلك المراكز ستقوم بشن عمليات هجومية. 
يشار إلى أن خلَفها في المنصب، بن والاس، وهو من أبرز مؤيديإ القوة السيبرانية، قد أشار الى ذلك أثناء حديثه أمام الجمعية البرلمانية لحلف الناتو التي عقدت في لندن خلال تشرين الأول من العام الماضي، محذرا من أن ردود الفعل على الهجمات الألكترونية والتضليل الإعلامي والاغتيالات والفساد، التي تنفذها جهات معادية، لم تكن بالمستوى المطلوب: “لم نكن بالمستوى المطلوب من الفطنة ولم نكن بمستوى الردع المطلوب، وهو ما يجب أن نوجه  استثماراتنا إليه”.