على مدى الشهور الاربعة الماضية، تتواصل الاحتجاجات والتظاهرات السلمية في بغداد والمحافظات..
وعلى وفق هذا الزمن؛ كانت هناك احتجاجات متفرقة قد جرت في اماكن وازمنة عديدة، تندد بسلبيات
ما يجري.. الا إنها جوبهت بالتجاهل تماماً، بل بغلظة وباساليب شتى تتعلق بتوصيفات شتى حتى وصل الحال الى ممارسة العنف ضدها..
وأكدت الوقائع كلها ان ما جرى ويجري الان، من اساليب القمع بقوة السلاح غير مجدية ولا يمكن ان تصل الى حلول نهائية.. ذلك ان القمع بالقوة، ربما سيجعل هذه الاحتجاجات تنكفئ لبعض الوقت، إلا انها ستعود مجدداً، وستشتعل نيرانها بشكل اقوى واكثر فعالية..
ان العنف في كل الازمنة ممكن جداً، إلا ان هذا (الممكن) سرعان ما سيتحول الى نقمة والى نار لا تبقى ولا تذر وان ساد فوقها الرماد..
ذلك ان وجود هذا الكم الهائل من الشهداء والجرحى والمعاقين والمختطفين والمغيبين والسجناء، لا يمكن ان يذهب
سدى..
المسألة لا تتعلق بالثأر والنقمة، ولا الحكم بالحديد والنار والتهديد والوعيد.. إلا انها خرجت بنتائج كارثية لا قبل للحكومات على ايجاد حلول لها، وعندما نفهم القاعدة المأثورة المتعلقة باستخدام اسلوب الحكمة والارادة العقلانية الهادئة، والوقوف عند المطاليب الشعبية الحقيقية ودوافع واساليب هذه الاحتجاجات؛ لابد ان نقف ونراجع مسارنا والاخفاقات التي وقعنا
فيها..
فليس بوسع احد من القائمين على دفة الحكم انكار وجود جملة من السلبيات التي انهكت كاهل العراقيين على مدى (16) عاماً، وتجاوز القوانين وعدم العدالة والمساواة في تنفيذها، واتساع اعداد الضحايا، وانهيار البنى التحتية، وانتشار البطالة والامراض وانهيار التعليم والصناعة والزراعة، واستئثار طبقة سياسية على حساب الشعب العراق..، كلها اسباب لابد ان نقر ونعترف بوجودها، ومثل هذا الاعتراف السلمي، يدفع المسؤولين الى معالجتها، وليس جر البلاد الى ازمات جديدة، واعمال عنف
متواصلة..
ان القسوة.. لم تعد سبيلاً سلمياً للحل، والتجاهل وادانة الاخر، ليست حلولاً مقبولة..
لا شيء عصيا على الحل عند استعمال العقل والمنطق والعدل والحكم على وفق القانون الذي يساوي بين
الجميع..
ولا شيء يستحيل اذا ما اعتمدنا على بناء مؤسسات تديرها شخصيات معروفة بالخبرة والكفاءة
والنزاهة..
ولا شيء يحول دون اعتماد الاساليب السلمية والحكمة والمنطق والعدالة في ايجاد الحلول الممكنة التي تقينا من العثرات الراهنة وربما المستقبلية اذا ما تم المضي في هذا الغلو العنفي التدميري..
العراق.. قادر على ان ينهض من جديد، فهناك مفاتيح كثيرة للحل منها ان العراق غني بقدراته البشرية، وغني بموارده الاقتصادية.. فقط نحتاج الى من يعمل بوعي وصدق واصرار وانصاف والنظر الى الواقع بوصفه حقيقة لا يمكن تجاهلها او التفكير بعيداً عنها..
نعم.. من الحكمة نبدأ والى الحكم الرشيد نسير..