بغداد/ عماد الامارة
تعتمد معالجة مشكلات القطاع الصناعي في العراق على إعداد ستراتيجيَّة وطنيَّة تهتم بالتوجه نحو استغلال الميزة النسبيَّة لبعض الصناعات الرئيسة في البلد وتطوير الطاقات الإنتاجيَّة. تعمل الستراتيجيَّة الوطنيَّة على معالجة مشكلات القطاع الصناعي من خلال تعزيز قدرات الشركات على التصدير وإيجاد موارد جديدة بالعملة الصعبة وتقديم قروضٍ صناعيَّة ميسرة للشركات العاملة في القطاع الصناعي،
بما يضمن تغطية احتياجاتها المختلفة وبسعر فائدة قليل، وإيجاد فرصٍ للشراكة الاقتصاديَّة بين الشركات الصناعيَّة الوطنيَّة والشركات الصناعيَّة الأجنبيَّة، وبما يعزز الاستثمار الصناعي في الشركات الصناعيَّة الوطنيَّة وتطوير بنيتها ورأسمالها ونقل المعرفة الفنيَّة لها. الأكاديمي في كليَّة الإدارة والاقتصاد الجامعة المستنصريَّة الدكتور عبد الله الشاوي قال: "لمعالجة مشكلات القطاع الصناعي لا بدَّ من تطوير كل من قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 وقانون الشركات العامَّة 22 لسنة 1997، وذلك لإيجاد توجه عام لدى الشركات الصناعيَّة نحو خدمة الاقتصاد الوطني وتقليل التدخل الحكومي في شؤون هذه الشركات والتوجه التدريجي لجعل الشركات العامة الصناعيَّة تغطي تكاليفها الثابتة والمتغيرة تمهيداً لنقلها الى فئة الشركات الرابحة كي لا تشكل عبئاً على الموازنة، ومعالجة مشكلة بطالة القوى العاملة واعتماد مبدأ إعادة التأهيل حسب حاجة الاقتصاد العراقي الى المهارات المختلفة، وتطوير البنية التحتيَّة للاقتصاد وخصوصاً تلك التي تخدم الصناعة الوطنيَّة وإعداد قواعد المعلومات التي تخدم القطاع الصناعي وتطوير المعرفة التكنولوجيَّة المستخدمة في عمليات الإنتاج".
التنمية الصناعيَّة
وأضاف "تعدُّ التنمية الصناعيَّة مسألة أساسيَّة في البلد وهي من التحديات الرئيسة التي تواجه مسار النمو الاقتصادي، وعليه تمثل عمليَّة التصنيع القضيَّة الجوهريَّة في عمليَّة التنمية الاقتصاديَّة أو القضاء على التخلف، إذ إنَّ جوهر التخلف الاقتصادي يتمثلُ في تخلف قطاعات اقتصاديَّة والتشوه الهيكلي له والتي من أبرز سماتها تصدير المواد الأوليَّة الى الخارج واستيراد المواد
المصنعة".
وأفاد "عليه فإنَّ التوجه نحو التنمية الاقتصاديَّة يتطلبُ تركيزاً خاصاً على مسألة التصنيع والقضاء على التشوه الهيكلي في الاقتصاد"، لافتاً الى أنه "في العراق الحديث أي ما بعد الاحتلال العثماني للعراق وبدايات القرن العشرين اختصر النشاط الصناعي في البلد على عددٍ بسيط من الصناعات المحليَّة منها محالج القطن ومطاحن الحبوب ومشاغل النسيج وبعض الصناعات الحرفيَّة وورش بدائيَّة لتصليح الآليات ووسائط النقل، ثم اهتمت الحكومات العراقيَّة المتعاقبة بتشجيع الصناعة الوطنيَّة، وتمثل ذلك بإصدار القوانين والتشريعات اللازمة وأولها قانون التعرفة الكمركيَّة رقم 30 لسنة 1927 والذي يتضمن إعفاء المكائن والآلات المستوردة التي تستخدم في الصناعة من الرسوم الكمركيَّة، وصدرت في تلك الفترة قوانين أخرى تخص القطاع الصناعي منها قانون المشاريع الصناعيَّة رقم 14 لسنة 1929 وتأسيس المصرف الزراعي/ الصناعي عام 1953".
وتابع: "لقد استمر تطور ونمو القطاع الصناعي في البدء خلال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم، وكانت قيادة النشاط الصناعي في العراق تتم من قبل القطاع الخاص حتى حصول عمليَّة التأميم في العام 1964، ما أدى الى إضعاف دور القطاع الخاص في الصناعة، مقابل ذلك زيادة وتوسعٍ كبيرين في دور القطاع العام، إذ بلغت نسبة القيمة المضافة في الصناعة التحويليَّة التي تنتج من القطاع الخاص والقطاع العام في العام 1964 نحو 84 بالمئة".
الصناعة التحويليَّة
يذكر أنَّه في العام 1970 بلغت القيمة المضافة لكلا القطاعين الخاص والعام 56 بالمئة و43 بالمئة من مجموع القيمة المضافة في قطاع الصناعة التحويليَّة، ويبرز ذلك استمرار اتساع وتطور القطاع العام وتراجع القطاع الخاص في الصناعة التحويليَّة بشكل نسبي واستمر هذا الاتجاه في الأعوام التالية، ومن الناحية القطاعيَّة كانت صناعة المواد الغذائيَّة والمشروبات والسكائر والملابس الجاهزة والجلود والأحذية وتصفية النفط تمثل الصناعات الرئيسة في قطاع الصناعات التحويليَّة.
وأكد الشاوي أنَّ "القطاع الصناعي اليوم بحاجة الى الدعم المباشر في المجال المالي والتكنولوجي مع تقديم أراضٍ للمشروع الصناعي بأسعار رمزيَّة وتسهيل عمليَّة الإقراض الصناعي وتقديم مدخلات إنتاج مدعومة وشراء مخرجات الإنتاج بأسعار تفضيليَّة والمساعدة في إيجاد فرص تسويقيَّة في الداخل والخارج".